للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[خلافة أبي بكر - رضي الله عنه -]

توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة من شهر ربيع الأول، من السنة الحادية عشرة من هجرته - صلى الله عليه وسلم -، ودفن في بيت عائشة رضي الله عنها، وكانت قد رأت سابقا ثلاثة أقمار سقطن في حجرتها, قالت رضي الله عنها: "فقصصت رؤياي على أبي بكر الصديق، فلما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودفن في بيتها، قال لها أبو بكر: هذا أحد أقمارك, وهو خيرها" (١)، دفن خير الأقمار وكان أمر الأمة المحمدية بيده - صلى الله عليه وسلم -، وكانت وفاته - صلى الله عليه وسلم - أمرا مذهلا لأصحابه لشدة حبهم له - صلى الله عليه وسلم -، وملازمتهم مجالسه - صلى الله عليه وسلم -، وكم كان يقول: كنت أنا وأبو بكر وعمر، خرجت أنا وأبو بكر وعمر، وقال في قصة كلام البقرة، والذئب، وقد استغرب أناس كلامهما: ... «آمنت به أنا وأبو بكر، وعمر» (٢)، وغيرهما كثير من أصحابه، أحبوه حبا جما، وفدوه بأموالهم وأنفسهم، فعظمت وفاته عليهم حتى قام عمر - رضي الله عنه - يخطب في الناس، فقال المغيرة - رضي الله عنه -: "يا عمر، مات والله رسول الله، فقال عمر: كذبت ما مات رسول الله، ولكنك رجل تحوشك فتنة، ولن يموت رسول الله حتى يُفني المنافقين"، ما أراد عمر إلا هلاك أعداء الإسلام، وهو يعلم وجود الكثيرين منهم في ذلك الوقت، فلما جاء أبو بكر - رضي الله عنه - وعمر يخطب قال له: اجلس، فأبى عمر - رضي الله عنه -، وهو يعلم فضل أبي بكر - رضي الله عنه -، ولكن حبه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أكبر بكثير من طاعة أبي بكر - رضي الله عنه - فتشهد أبو بكر - رضي الله عنه -، فمال الناس إليه، وتركوا عمر - رضي الله عنه -، لمعرفتهم بفضل أبي بكر - رضي الله عنه - على عمر - رضي الله عنه -، فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: أما بعد: من كان منكم يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حي لا يموت، قال الله: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} (٣)، وقال: والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل


(١) موطأ مالك رواية أبي مصعب الزهري حديث (٩٧٤).
(٢) البخاري حديث (٢٣٢٤) ..
(٣) الآية (١٤٤) من سورة آل عمران.

<<  <   >  >>