للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: ثم قال علي - رضي الله عنه -: "يهلك فيَّ رجلان: محب مطْرٍ يفرط لي بما ليس فيَّ، ومبغض مفترٍ يحمله شنآني على أن يبهتني" (١).

هذا النص طابق الواقع فاليهود أبغضوا عيسى - عليه السلام -، ورموا أمه عليها السلام بالزنا، والخوارج أبغضوا عليا - رضي الله عنه - حتى بهتوه، والنصارى أحبو عيسى - عليه السلام - حتى جعلوه ابن الله، والرافضة زعموا حب علي - رضي الله عنه - حتى مدحوه بما ليس فيه، وألقوا عليه من صفات الإله ما شاؤوا، بل جعله النصيرية - وهم من الرافضة - إلها وعبدوه، ولذلك قال - رضي الله عنه -: يهلك فيَّ رجلان: محب مطْرٍ يفرط لي بما ليس فيَّ، ومبغض مفترٍ يحمله شنآني على أن يبهتني.

ومراده هاتان الفرقتان الضالتان، وهما من أهل النار، قال علي - رضي الله عنه -: «لَيَحبني قوم حتى يدخلوا النار في حبي، ولَيَبغضني قوم حتى يدخلوا النار في بغضي» (٢)، وقال - رضي الله عنه -: «اللهم العن كل مبغضٍ لنا، وكل محبٍ لنا غال» (٣).

[موقف علي من عمر رضي الله عنهما]

دخل علي - رضي الله عنه - في بيعة عمر - رضي الله عنه -، وكان من أعظم أعوانه على الحق، وكان يذكره بالخير ويثني عليه في كل مناسبة، قال - رضي الله عنه -: إذا ذكر الصالحون فحي هلا بعمر، ما كنا نعدُّ أن السكينة لا تنزل إلا على لسان عمر (٤)، ورفض علي - رضي الله عنه - ذهاب الخليفة عمر - رضي الله عنه - للاشتراك في فتح فارس خوفا على حياته، وقال له: إن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا قلة، وهو دين الله تعالى الذي أظهره، وجنده الذي أعده وأمده حتى بلغ ما بلغ وطلع حيثما طلع، ونحن على وعد من الله تعالى حيث قال عز اسمه {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا


(١) المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي حديث (١٣١٩).
(٢) فضائل الصحابة لأحمد حديث (٩٥٢).
(٣) فضائل الصحابة لأحمد حديث (١١٣٦).
(٤) الطبراني في الكبير حديث (٨٨٠٧).

<<  <   >  >>