للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأبي بكر، بل أول من سبق لمبايعة أبي بكر رجل من الأنصار، تلاه عمر، وتتابع الناس رضا بأبي بكر، لم تكن البيعة بسيف أبي بكر، ولا بمال تألفهم به، ولا بقهر عشيرة، بل بالسابقة والفضل المستحق، وصدق فيه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «معَاذ الله أَن يختَلف المؤمِنونَ فِي أبي بكر» (١)، وما جنوا من ذلك إلا العدل والإحسان فكانت خلافة أبي بكر - رضي الله عنه - قَدَراً فيه الخير الذي أراده الله - عز وجل - للأمة المحمدية، ولو لم يرد الله ذلك لأبي بكرـ وربنا الفعال لما يريد - ما كان لأبي بكر ولا غيره أن يَمْكُن من ذلك، ولكن الله قدر، فله الحمد والمنة، وكل من لم يرض بخلافة أبي بكر فقد سخط قدر الله - عز وجل - ورحمته لعباده المؤمنين، فإن خلافته نواة الوحدة الإسلامية، بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والعجب أن أبا بكر - رضي الله عنه - بعد أن رضيه المهاجرون والأنصار، خلفا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليا لأمر الأمة المحمدية طلب الإقالة، روى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: "قام أبو بكر بعدما استخلف بثلاث، فقال: من يَستَقيلُني بيعتي فأقيله؟ ، فقلت: والله لا نقيلك، ولا نستقيلك، من ذا الذي يؤخرك وقد قدمك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (٢)، هذا كلام علي ابن أبي طالب - رضي الله عنه - الحكم العدل في خلافة أبي بكر - رضي الله عنه -.

[الوحدة الإسلامية في عهد أبي بكر - رضي الله عنه -]

حرصُ أبي بكر على وحدة الأمة المحمدية كان شغله الشاغل لا غيره، وقد نتج عن ذلك الحرص نجاح عظيم في صمود الحق أمام الباطل، فكان موقفه من الخلافة لبنة قوية في بناء الوحدة المحمدية، بناء أقامه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار، وبعد ذلك سائر المؤمنين، وكان موقف أبي بكر - رضي الله عنه - من تسيير جيش أسامة - رضي الله عنه - فتحا عظيما، وسعة في رقعه البلاد ووحدة الأمة المحمدية، وكان موقفه من الردة ضربة للباطل ونصرا مؤزرا للإسلام وأهله، وقوة لوحدة الأمة المحمدية، فالمسلمون أسس وحدتهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أربع ركائز، والخامسة حمايتها، إذ لا تقوم وحدتهم إلا بها محقَّقَة في حياتهم حتى لقاء الله - عز وجل -، وهذا الذي جعل أبا بكر - رضي الله عنه - يتحمل الأمانة، من غير طمع في الدنيا وزخارفها،


(١) مسند الطيالسي حديث (١٦١١).
(٢) مختصر تاريخ دمشق (٤/ ٢٩١).

<<  <   >  >>