للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جبريل - عليه السلام - هو أصول الإيمان التي لا يصح إيمان عبد إلا باجتماعها، وقد ورد في الكتاب العزيز تناول مسمى الإيمان لأكثر مما في حديث جبريل، قال تعالى: ... {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (١)، هنا تكامل لعناصر الإيمان، وقد يؤخذ من حديث الصحيحين السابق أن أول الإيمان الإقرار، وآخره إماطة الأذى عن الطريق، صحيح أن الإيمان الاعتقاد بالقلب، ولكنه لا يُعلم إلا بالإقرار، فالنطق يكشف خبايا القلب، فكان الإقرار أول ما يُعلم به إيمان المرء، ولهذا فالمسلمون يتفاضلون في الإيمان على قدر ما يحوزون من تعظيم الله - عز وجل - ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وتعظيم كتابه تعالى وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وعلى قدر التطبيق العملي لذلك.

[الركيزة الثانية: الوحدة في المعبود]

المعبود بحق هو الله - جل جلاله - وحده لا شريك له، وعلى هذا أطبقت الأديان السماوية، وجاء القرآن الكريم داعيا إلى ذلك، آمراً النبي وأمته بالعلم بذلك، وأن يُتْبعَ العلم بالعمل قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} (٢)، وقال - صلى الله عليه وسلم - «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله» (٣)، ولا عصمة لأحد بغير ذلك، وبها وبما بعدها صار الإسلام دين الله في الأرض لا يقبل سواه، قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (٤)، هذا الدين العظيم الذي اتسع لكل البشر بالحرية والعدل والمساواة، قوامه الكتاب والسنة، وركائز وحدة الناس عليه أولها الإيمان بالله - عز وجل -، وثانيها عبادة الله وحده لا شريك


(١) الآية (١٧٧) من سورة البقرة.
(٢) من الآية (١٩) من سورة محمد.
(٣) البخاري حديث (٢٥) ومسلم حديث (١٣٣).
(٤) من الآية (٨٥) من سورة آل عمران.

<<  <   >  >>