للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[حماية الركيزة الأولى]

الركيزة الأولى تصان من أفكار الطبائعيين، والدهريين، الذين يزعمون أن لا إله، وأن الطبيعة هي الفاعلة في الحياة، حتى زعموا أن الإنسان كان أصله قردا، فتطور بالطبيعة شيئا فشيئا حتى وصل إلى ما هو عليه، ولكن نسألهم وهم الخاسرون، لِمَ لم تتطور الشمس، وكذلك القمر وغيرهما من الكواكب؟ ، ولِمَ لم تتطور مياه الأنهار والبحار، فتكون زيتا، فتستغني عنا دول العالم، أو تكون لبنا خالصا؟ ، أو عسلا مصفى، ولِمَ لم يتطور الإنسان عن صورته هذه، منذ أن خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة؟ ! ، والعجب أنهم لم يتنبهوا إلى عجز الطبيعة، وحاجتها إلى خالقها، ولم يوفقوا إلى العلم بعجز الطبيعة أن تصنع لقمة طعام لمريض لا حول له ولا قوة، إن تلك الأفكار وما شابهها أو قاربها كانت تدميرا لفطرة الإيمان في النفوس، وفطرة الإنسان تقضي بحاجته إلى معبود يلجأ إليه في أزماته الفكرية والنفسية، والصحية والمعاشية، وكل ما تتطلبه حياته، وبعد موته أيضا، فكانت هذه الحاجة ملجئة إلى تنوع في المعبودات، وإلى صنع الآلهة الباطلة، والحق الصارخ الذي لا مرية فيه أن الخالق هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له، وليس إلا الله خالقا لهذا الكون وما فيه، فوجب على كل مسلم أن يحمي إيمانه من كل فكر لا يساوق الكتاب والسنة، فقد أوصى بذلك ربنا فقال: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} (١)، وأكد على أنه الخالق وحده، وأن لا إله معه سبحانه فقال: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (٦٠) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٦١) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٦٢) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٣) أَمَّنْ يَبْدَأُ


(١) من الآية (١٩) من سورة محمد ..

<<  <   >  >>