للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الستة الذين جعل عمر - رضي الله عنه - فيهم الشورى، وأخبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توفي وهو عنهم راض، وأنعم بها شهادة من عمر رجل الأمانة والعدل.

[نفقته في سبيل الله]

كان عثمان - رضي الله عنه - ممن اعتز بهم الإسلام في عهد ظهوره، وبعد ذلك «فبئر رومة» (١)، كانت ركيّة ليهوديّ يبيع ماءها للمسلمين، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من يشتري رومة؟ » فيجعلها للمسلمين يضرب بدلوه في دلائهم، وله بها مشرب في الجنة؟ فأتى عثمان - رضي الله عنه - اليهودىّ فساومه بها، فأبى أن يبيعها كلّها، فاشترى نصفها باثني عشر ألف درهما، فجعله للمسلمين. فقال عثمان - رضي الله عنه -: إن شئت فلي يوم، ولك يوم، وإن شئت جعلت على نصيبي قرنين؟ ، قال اليهودىّ: لي يوم ولك يوم.

فإذا كان يوم عثمان - رضي الله عنه - استقى المسلمون ما يكفيهم يومين. فلما رأى ذلك اليهودىّ قال لعثمان - رضي الله عنه -: أفسدت عليّ ركيّتى، فاشتر النصف الآخر بثمانية آلاف درهم (٢).

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من يزيد في مسجدنا؟ » فاشترى عثمان - رضي الله عنه - موضع خمس سواري، فزاده في المسجد.

وجهّز عثمان - رضي الله عنه - جيش العسرة بتسعمائة وخمسين بعيرا، وأتمها ألفا بخمسين فرسا، وهذا في الجهاد في سبيل الله - عز وجل -، فكم يكون الأجر فيه لعثمان - رضي الله عنه -، ولم يكن هذا هو الموقف الوحيد لعثمان - رضي الله عنه - فإنه لما أراد فتح إفريقية استشار كبار الصحابة وأصحاب الرأي، وأخذ يدعو الناس إلى الجهاد، ويحثهم على التطوع، فتقاطروا من مختلف القبائل للاشتراك في هذه الغزوة، وأعان الجيش بألف بعير من ماله. واشترى أرضا يقال لها: «حشّ كوكب» فزادها توسعة في البقيع، وهي التي دفن فيها (٣)، ومعلوم تجهيزه لجيش العسرة، في غزوة تبوك حين حض النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، فقام عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فقال: "يا رسول الله علي بمائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله"، ثم حض على الجيش فقام عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فقال: "يا رسول الله علي مائتا بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله"، ثم حض على الجيش


(١) هو المعروف اليوم في المدينة ببئر عثمان، لم ينضب ماؤه.
(٢) شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية ٢/ ٣٦٠.
(٣) انظر: المعارف ١/ ١٩١ - ١٩٧، موجز عن الفتوحات الإسلامية ١/ ٥٣.

<<  <   >  >>