للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أكلهم إلى الله ولا أقاتلهم؛ فإن ذلك أعظم لحجتي عليهم" وقال - رضي الله عنه -: "أعظمكم عني غناءً رجل كف يده وسلاحه" وقال أبو هريرة - رضي الله عنه -: "كنت في الدار يوم قتل عثمان فسمعته يقول: عزمت على من رأى لنا عليه سمعا وطاعة أن يلقي سلاحه، فألقى القوم أسلحتهم إلا مروان فإنه قال: وأنا أعزم على نفسي ألا ألقي سلاحي، قال: وكان شجاعا، قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: فألقيت سيفي فلا أدري من أخذه" (١).

وبعض الصحابة الذين لم يقفوا مع عثمان كان هاجسهم الخوف من الفتنة، فكان القادمون من مصر والكوفة والبصرة بغاة لهم مآرب أفسدت ذات البين، وشرذمة الأمة، وتجلى خطر الخوارج بعد التحكيم فيما بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، ولو طلبوا الحق ولم يكن لهم مآرب غير مشروعة لما قتل عثمان - رضي الله عنه -.

[فتنة الخروج]

لم تكن هذه الفتنة غائبة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد أُطلع على وقوعها وحذر منها - صلى الله عليه وسلم -، قال مُرة البهزي: بينما نحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم في طريق من طرق المدينة فقال: «كيف تصنعون في فتنة تثور في أقطار الارض كأنها صياصي (٢) بقر؟ » قالوا: فنصنع ماذا يا نبي الله؟ قال: «عليكم بهذا وأصحابه» قال: فأسرعت حتى عطفت على الرجل، فقلت: هذا يا نبي الله؟ ، قال: «هذا» فإذا هو عثمان (٣)، هذه الرواية تشير إلى أن عثمان على الحق، وأنه شهيد بسببها، فقد صعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدا، ومعه أبو بكر، وعمر، وعثمان - رضي الله عنهم -، فرجف بهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أثبت أحد فإنما عليك نبي، وصديق، وشهيدان» (٤)، وكما استشهد عمر - رضي الله عنه - بطعنة من الحقد المجوسي، فسيكون ذلك لعثمان - رضي الله عنه -، فإن الخوارج له بالمرصاد وقدر الله نافذ، كما في حديث حذيفة - رضي الله عنه - قال: «كان الناس يسألون


(١) أنساب الأشراف للبلاذري ٥/ ٥٦٣.
(٢) يعني قرونها وإنما سميت صياصي لأنها حصونها التي تحصن بها من عدوها.

غريب الحديث للقاسم بن سلام ٢/ ٨٤.
(٣) مصنف ابن أبي شيبة ٨/ ٥٨٣.
(٤) البخاري حديث (٣٦٧٥).

<<  <   >  >>