للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دعا بإناء من ماء فتوضأ، ثم مضمض ودعا ثم صبه فيها، فتركناها غير بعيد، ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركابنا (١).

٥ - أن الله أثنى على ثباتهم وشدتهم على أعداء الله، واتِّصافهم بالرحمة فيما بينهم، قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (٢)، ورغم ما هم فيه من انتماء عرقي قبلي، فلم يكن لذلك أثر في نفوسهم إلا عملا بقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (٣).

فهم صفوة الخلق بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بسبب استجابتهم لذلك الحدث العظيم الذي جاء به محمد بن عبد الله صلوات ربي وسلامه عليه، عدد خلقه، وزنة عرشه، ومداد كلماته، ورضا نفسه، ذلك الحدث هو نزول القرآن الكريم، وما تلاه من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا أوردنا النصوص فإنما نعني قبول الصحابة لها، والعناية بها نصا وروحا، والعلم بها رواية ودراية، والعمل بها والدعوة إليها، فكانت حياتهم عملا بالوحيين في كل شيء - رضي الله عنهم - وأرضاهم.

[المفاضلة بين الصحابة - رضي الله عنه -]

أفضل هذه الأمة والأمم كلها بعد الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين أبو بكر - رضي الله عنه -، وذلك على الإطلاق إجمالا وتفصيلا، فإنه لم يُسبق من الرجال إلى إيمان بالله ورسوله، ولم يُسبق إلى تصديق الله ورسوله، ولم يُسبق إلى خير بشهادة من أراد منافسته فلم يقدر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "مرَّ رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وأَنا معه وأَبو بكر، علَى ابن مسعود وهُو يقرأ، فقام يستمع قراءته، ثم ركع عبد اللَّه وسجد، فقال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: «مَن سره أَن يقرأَ القرآَن كما أُنزِل فليقرأْ


(١) البخاري حديث (٤١٥٠).
(٢) من الآية (٢٩) من سورة افتح.
(٣) الآية (١٣) من سورة الحجرات.

<<  <   >  >>