للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المرتبة الثانية]

نزل به جبريل - عليه السلام -، قال - عز وجل -: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} (١)، وهنا نسب النزول به إلى جبريل - عليه السلام - لأنه نزل به أولا: من اللوح المحفوظ جملة واحدة إلى بيت العزة في السماء الدنيا، وثانيا: من بيت العزة إلى السفرة الكرام منجما على قلب نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهذا شرف النبوة والرسالة الذي اصطفى الله له عبده ورسوله نبينا محمد الصادق الأمين - صلى الله عليه وسلم -.

[المرتبة الثالثة]

بلاغ رسول الله نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - من آمن به، بلَّغ أصحابه - رضي الله عنهم -، وهو بلاغ للأمة كلها إذ خاطبه ربه فقال: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} (٢)، وقد بلَّغ - صلى الله عليه وسلم - الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمة، فجزاه الله عن أمته خير ما يجَزَي نبيا عن أمته.

[المرتبة الرابعة]

بلاغ الصحابة - رضي الله عنهم -، كل من صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مؤمنا به؛ كان واعيا لكل كلمة سمعها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لذلك نال شرف البلاغ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أدَّاها كما سمعها، أو على معنى ما سمعها، لصحابي مثله، أو تابعي بعده، من غير زيادة ولا نقص، ولذلك قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - مفتخرا بالنقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيما أنزلت، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه» (٣)، قال عبد الرحمن السلمي: "حدثنا من كان يقرؤنا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنهم كانوا يقترئون من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر آيات، فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل، قالوا:


(١) الآية (١٩٣) من سورة الشعراء.
(٢) الآية (٦٧) من سورة المائدة.
(٣) أخرجه البخاري.

<<  <   >  >>