للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِن ابنِ أُمِّ عَبْدٍ» قال: فأدلجت إِلى ابنِ مسعود لأُبَشِّرَهُ بما قَال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، فلما ضربت البَاب سمع صوتي، فقال: ما جاء بك؟ فقلت: جئت أبشِّرُك بما قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - , قال: سبقك أبو بكر، قلت: إن يفعل فإنه سابق بالخيرات، ما استبقنا إِلى خير قط إِلا سبقني إليه أبو بكر" (١)، ومن هنا يكون التفاضل على الإجمال فالأول بعد أبي بكر عمر رضي الله عنهما، ثم عثمان - رضي الله عنه -، ثم علي - رضي الله عنه -، ثم أفضل الناس بعد هؤلاء طلحة - رضي الله عنه -، والزبير - رضي الله عنه -، وسعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، وسعيد بن زيد - رضي الله عنه -، وعبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -، وأبو عبيدة عامر بن الجراح - رضي الله عنه -، وهؤلاء هم المبشرون بالجنة، وكلهم يصلح للخلافة، وأهل بدر، وأهل بيعة الرضوان، المهاجرون الأولون والأنصار، وهم من صلى القبلتين، ثم أفضل الناس بعد هؤلاء أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القرن الذي بعث فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم أفضل الناس بعد هؤلاء من صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً، أو شهراً، أو سنة، أو أقل من ذلك، أو أكثر، نترحم عليهم، ونذكر فضلهم، ونكف عن زللهم، ولا نذكر أحداً منهم إلا بالخير، لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه» (٢)، وقال سفيان بن عيينة: من نطق في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكلمة فهو صاحب هوى (٣). قلت: وأصحاب الأهواء هم الزنادقة ولا شك.

[أصل المفاضلة]

أصل المفاضلة مأخوذ من كلام الله - عز وجل -، وكلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد أثنى الله على عباده وجعل منهم النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وليس هذا خاصا بأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد بعث في كل أمة رسولا، وكان منهم الصديقون والشهداء والصالحون، لكنه تعالى جعل خير الأنبياء والرسل محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - وجعل أصحابه خير الأصحاب، وجعل خير الأمة من عاش في القرون الثلاثة، على الترتيب، قال - صلى الله عليه وسلم -: «خير أمتي القرن الذين يلوني، ثم الذين


(١) أخرجه الطبراني، المعجم الكبير حديث (٨٣٤٣) ..
(٢) البخاري حديث (٣٦٧٣) أخرجه مسلم حديث (٢٥٤٠).
(٣) طبقات الحنابلة (١/ ١٨٠).

<<  <   >  >>