للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[عهد عمر - رضي الله عنه -]

لم يكن عهد عمر بن الخطاب أقل خيرا وبركة على الإسلام والمسلمين من عهد أبي بكر الصديق، فهما رضي الله عنهما وزيرا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكثيرا ما كان يقول: أنا وأبو بكر وعمر، قال علي - رضي الله عنه - مخاطبا عمر حين دفنه في بيت عائشة: "كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر رضي الله عنه لأنى أسمع رسول الله يقول ذهبت أنا وأبو بكر وعمر ورجعت أنا وأبو بكر وعمر" (١)، نالا من تربيته وتعليمه ما لم ينله غيرهما رضي الله عنهما.

إن ما ورد في حديث حذيفة - رضي الله عنه -، أمر عام لا يخص زمان دون زمان، إنه عام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولا يجوز تطبيق ما ورد من أخبار الفتن على فتنة معينة، ولا تحديدها بزمن، إنها إخبار عن كثرة الفتن والعداء لهذا الدين، فإذا ما وقع شيء منها علم أهل السنة والجماعة، أنها مما حذر منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتعاملوا معها وفق ما وجه به - صلى الله عليه وسلم -، فهي عندهم من صدق نبوته - صلى الله عليه وسلم -، ونعلم يقينا مما تقدم أن الفرقة الناجية هي من تقدم وصفهم بالتزام منهج الكتاب والسنة، في كل زمان ومكان، وإن حصل لهم ما حصل من البلاء، وأن من عداهم أهل زيغ وضلال، وإن كانوا من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، كل من خرج عن منهج الكتاب والسنة، وتنكب ما جاء به رسول الله، وجانب نهج الخلفاء الراشدين، ومن تبعهم بإحسان، لا شك أنه من أهل الزيغ والضلال، ولا ينضوي تحت مسمى الفرقة الناجية، وإن زعم أنه من المسلمين، وإن زعم أن الحق معه والباطل عند غيره، وإن أكثر من الفلسفة والتحوير والتطور، فذلك كله منه لا يعدو أن يكون إيغالا منه في الضلال، ولا نجاة لأحد منهم إلا بتوبة صادقة، وعمل دؤوب بكتاب الله - عز وجل - وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفق المنهج الذي لزمه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخلفاؤه الراشدون - رضي الله عنهم -، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

إن المعارضين لدين الله لم يسلم منهم عهد النبوة، وكانوا ينشطون من حين لآخر، ويتحينون الفرص للانقضاض على الإسلام، لكنهم مخذولون من الله ورسوله


(١) التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع ١/ ١٥٩.

<<  <   >  >>