للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨ - الإمام عبد الله بن عامر اليحصبي، أهل الشام يسندون قراءتهم إليه، وكان قد أخذ القراءة عن المغيرة بن أبي شهاب المخزومي، وأخذها المغيرة عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - (١).

وليعلم أنه كما أخذ هؤلاء الأئمة كتاب الله مشافهة بأمانة نقل العدل عن العدل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد أخذه عن كل من ذكرنا مشافهة بأمانة نقل العدل عن العدل، لا نشك في صحة ذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ومن شك أو شكك في حرف منه فهو زنديق مارق، لا حظ له في الإسلام.

إذاً هذه مراتب البلاغ: جبريل - عليه السلام -، عن رب العزة والجلال، ومحمد - صلى الله عليه وسلم -، عن جبريل - عليه السلام -، والصحابة - رضي الله عنهم -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتابعون رحمهم الله عن الصحابة - رضي الله عنهم -، وأتباع التابعين عن التابعين رحمهم الله جميعا، وهي مراتب بلاغ وصدق ووثوق في غاية الصحة والكمال، وهذا ما علِمه أصحاب رسول الله - رضي الله عنهم -، فتنافسوا في الأخذ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كل على قدر ما كتب له حتى تميز منهم عدد بدقة الأداء وجمال الصوت، فأدوا القرآن بالألفاظ التي تعلموها من رسول الله، وتلقاها التابعون، وعن التابعين تلقاها الأتباع، وعنهم أتباع الأتباع، وهلم جرا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، من دون زيادة ولا نقص عما أنزل الله على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.

[مراتب بلاغ القرآن]

قد جعل الله - عز وجل - لبلاغ القرآن مراتب، يقوم بها من اصطفى من عباده، ولله أن يصطفي من خلقه ما يشاء، من الملائكة ومن البشر، وحتى من الأرض والبقاع، لا معقب لحكمه، ولا راد لما أراد سبحانه، قال تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} (٢)، فاصطفى من الملائكة لبلاغ الرسالة روح القدس: جبريل - عليه السلام -، ومن الناس الرسل عليهم السلام، خاتمهإن من يمعن النظر في كيفية وصول الشرع إلى الأمة يجد أنه وصل من خلال خمس مراتب، وهي أوثق ما


(١) السبعة في القراءات ١/ ٤٧، ٤٨، ٧١، ٧٢، ٧٩، ٨٣، ٨٥.
(٢) من الآية (٧٥) من سورة الحج.

<<  <   >  >>