كانت الأمة في حياة نبيها الخاتم صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، كانت أمة واحدة على البيضاء لم يزغ أحد من المسلمين عنها، فلما انتقل النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - إلى الرفيق الأعلى، تحركت القلوب المريضة، والتي كانت قريبة عهد بالجاهلية فأوجدت ثلما في ذلك المنهج القويم، فكانت سيوف الصحابة بقيادة أبي بكر خليفة رسول الله - رضي الله عنه - لهم بالمرصاد، ضربت المرتدين بيد من حديد، فقتل منهم من قتل، وتاب من تاب، واستقام أمر الأمة في عهد أبي بكر - رضي الله عنه -، وصار في عهد أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - على أحسن ما يرام، وكان بابا مؤصدا في وجوه الزنادقة، فلما قتل كسر الباب ولن يغلق أبدا (١)، فتولى عثمان - رضي الله عنه - أمر المسلمين، ولكنه موعود بالبلاء، ولاسيما وقد كسر الباب، فاتسع الخرق على الراقع حتى قتل عثمان، وفي عهده - رضي الله عنه - نبتت فرقة الخوارج: أول فرقة خرجت عن نهج الأمة الصحيح؛ وذلك أول ما ظهر وميض الفتنة في مجلس سعيد بن العاص والي عثمان على الكوفة، وذلك على أثر كلام دار في مجلسه، كان من الحاضرين فيه الأشتر، وابن ذي الحبكة، وابن الكواء، وغيرهم، وعدتهم بضعة عشر رجلا، تألبوا على عصبية أثاروا بذلك أقوالا على سعيد بن العاص، وقد تقدم ذكر هذا تحت عنوان الحقد على الإسلام في عهد عثمان، ولكن استشرى في عهد علي، وانتشر بتوسع بعد قتله - رضي الله عنه -.
فُرقة المسلمين في العهد الأول
قتل عثمان بضربة من نابتة الخوارج، وبايع الصحابة عليا - رضي الله عنه - ولكن جد البغاة في خلق الفتنة، وشرذمة الأمة فبرزت المطالبة بقتلة عثمان من قبل معاوية - رضي الله عنه - ومن شايعه من أهل الشام، وهو حق ولكن لم يعط علي - رضي الله عنه - فرصة الاستقرار ليتم النظر في قتل عثمان - رضي الله عنه -، ولقد ظُلم علي كما ظُلم عثمان رضي الله عنهما، ولا ريب في أن للأشرار دور في ظلمهما؛ ظهر ذلك جليا في أمر الحكيم، إذ برز الخوارج