للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شهادته (١)، فالإنسان لا يمكنه أن ينجو من خطيئة وزلل، وقوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} (٢)، دليل على اعتبار الأغلب، لأنه تعالى اعتبر الثقل والخفة، وإذا كنا اليوم نقبل من أهل الإسلام، من كان غالب حاله الصلاح، فكيف بمن ناصروا رسول الله، وشهد لهم الكتاب والسنة بجملة في الخير والعمل الصالح، الذي لم يدركه أحد بعدهم، فهم خيار الأمة المحمدية، إنهم أولى بذلك دون ريب، فلا ينازع فيه إلا مبتدع فارق أهل الحق والهدى، فنحن أهل السنة نثبت عدالة الصحابة بشدة، لأنهم الأمناء على ما أخذوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من علم الكتاب والسنة، سواء نصّ القرآن، أو نصوص السنة، وما نقلوا من تفسير لهما، يقول ابن مسعود - رضي الله عنه -: "والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيما أنزلت، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه" (٣)، ولو قبلنا ما زعم القادحون في الصحابة لهدمنا الإسلام من أصله، ولم يكن هناك إسلام إلا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقط وليس لما بعده حظ منه، لأنه لم ينتشر إلا من طريق أصحابه - رضي الله عنهم -، نقل السيوطي رحمه الله عن إمام الحرمين رحمه الله، أنه قال: والسبب في عدم الفحص عن عدالتهم: أنهم حملة الشريعة، فلو ثبت توقف في روايتهم لانحصرت الشريعة على عصره - صلى الله عليه وسلم -، ولما استرسلت على سائر الأعصار (٤).

[كلام الله - عز وجل -]

هو القرآن الكريم، وهو صفة من صفات الله - عز وجل -، منزل غير مخلوق، أنزله على رسوله نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - لا ريب فيه هدى للمتقين، تلقاه جبريل - عليه السلام - عن رب العزة والجلال، وتلقاه نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - عن جبريل، وتلقاه أصحاب رسول الله - رضي الله عنهم - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولذلك قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - ما قال فيما تقدم من علمه بكتاب


(١) الأم (٧/ ٥٦).
(٢) الآيتان (٦، ٧) من سورة القارعة ..
(٣) أخرجه البخاري.
(٤) تدريب الراوي (٢/ ٣٠٨).

<<  <   >  >>