للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله الآي منه والسور، وتقدم أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: «من سره أن يقرأ القرآن كما أنزل فليقرأ من ابن أم عبد» (١)، ولم يكن هذا التنويه العظيم قاصرا على عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، بل تعداه إلى من تميز من أصحاب رسول الله - رضي الله عنهم -، قال - صلى الله عليه وسلم -: «خذوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود - فبدأ به - وسالم مولى أبى حذيفة، ومعاذ بن جبل، وأُبى بن كعب» (٢)، ولا نقص في بقية أصحاب رسول الله - رضي الله عنهم -، ولكن إشادة بمن تميز منهم، بحسن الصوت وقوة الأخذ والأداء، ولذلك كان يحب - صلى الله عليه وسلم -، أن يسمع تلاوة القرآن من غيره، قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اقْرَأْ عَلَىَّ» قال: قلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ ! ، قال: «إني أشتهي أن أسمعه من غيري» قال: فقرأت عليه النساء حتى إذا بلغت {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} (٣)، قال لي: «أمسك» فإذا عيناه تذرفان" (٤)، واستمع - صلى الله عليه وسلم - لقراءة أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - فقال له: «يا أبا موسى لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود» (٥)، وفي رواية قال له أبو موسى - رضي الله عنه -: " لو علمت لحبَّرته لك تحبيرا " (٦)، ومنهم أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن» قال أُبَى: آلله سمانى لك؟ ! قال: «الله سماك لي» فجعل أُبَيٌّ يبكى، قال قتادة: فأنبئت أنه قرأ عليه {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} (٧)، وعن أبي عبد الرحمن السلمي قال: "حدثنا من كان يقرؤنا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم كانوا يقترئون من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر آيات، فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل، قالوا: فعلَّمَنا العلم والعمل" (٨)،


(١) أخرجه الطبراني، المعجم الكبير حديث (٨٣٤٣).
(٢) البخاري حديث (٣٨٠٨) ومسلم حديث (٦٤٨٨).
(٣) الآية (٤١) من سورة النساء.
(٤) البخاري حديث (٤٥٨٣) ..
(٥) البخاري حديث (٥٠٤٨) ومسلم حديث (١٨٨٨).
(٦) البيهقي في السنن الكبير (٣/ ١٢).
(٧) سورة البينة.
(٨) أخرجه أحمد المسند حديث (٣٨٥) ..

<<  <   >  >>