للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المصحف في حجره، عند قوله تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (١)، فأي مصيبة أعظم من مصيبة عثمان، ولكنها برد وسلام على عثمان عاقبتها الجنة، والمصيبة الماحقة على من حاصره وسعى في قتله.

وكان قتله يوم الجمعة لثمان ليال خلون من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وهو يومئذ ابن اثنتين وثمانين سنة، بعد أن حجّ بالناس عشر سنين متوالية، والسنة التي قتل فيها أقام لهم الحج عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وصلّى بالناس في بالمدينة وخطبهم على بن أبى طالب - رضي الله عنه -.

ودفن ليلا في البقيع، بأرض اشتراها فزادها توسعة في البقيع، وكانت ولايته اثنتي عشرة سنة، إلا اثنتي عشرة ليلة (٢).

[لماذا يسميه الرافضة نعثلا؟ !]

لكثرة شعر رأسه ولحيته سماه الرافضة بذلك، تعاموا عن فضائله، وأبصروا كثرة شعر رأسه ولحيته فأطلقوا عليه ما يروقهم قاتلهم الله، فهم للشر أنزع، وعن الخير أبعد (٣)، وربما أرادوا ثلب عثمان بأسوأ معاني هذه الكلمة، وهم بوصف السوء أولى، ويكفي عثمان أنه شيخ تستحي منه الملائكة، واستحى منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٤).

تنبيه:

إن خلافة الثلاثة؛ أبي بكر، وعمر، وعثمان - رضي الله عنهم - تضمنها وعد الله - عز وجل - المؤمنين بالاستخلاف في الأرض، قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (٥) ولم يخلف الله - عز وجل - وعده فقد خاطبهم به فقال: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا


(١) من الآية (١٣٧) من سورة البقرة.
(٢) انظر: المعارف ١٩١ - ١٩٨ بتصرف.
(٣) انظر: المعارف ١/ ١٩٢.
(٤) مسلم حديث (٢٤٠١).
(٥) الآية (٥٥) من سورة النور.

<<  <   >  >>