للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا في إحقاق الحق، وقمع الباطل، وإذا كان بعض الصحابة شارك في الخلاف على عثمان، فإنه لِما وقع من استغلال من غير الصحابة، قال أبو جعفر القارئ مولى ابن عباس: "كان المصريون الذين حصروا عثمان ستمائة, رأسهم عبد الرحمن بن عديس البلوي, وكنانة بن بشر بن عتاب الكندي, وعمرو بن الحمق الخزاعي، والذين قدموا من الكوفة مائتين, رأسهم مالك الأشتر النخعي, والذين قدموا من البصرة مائة رجل رأسهم حكيم بن جبلة العبدي، وكانوا يدا واحدة في الشر، وكان حثالة من الناس قد ضووا إليهم، قد مزجت عهودهم وأماناتهم, مفتونون, وكان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين خذلوا عثمان كرهوا الفتنة، وظنوا أن الأمر لا يبلغ قتله، فندموا على ما صنعوا في أمره، ولعمري لو قاموا أو قام بعضهم فحثا في وجوههم التراب لانصرفوا خاسرين" (١)، على أن الذين كرهو الفتنة ووقفوا على الحياد هم عدد غير قليل؛ قال عبد الله بن الإمام أحمد: حدثنا أبي حدثنا إسماعيل بن علية، حدثنا أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، قال: هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرات الألوف، فما حضرها منهم مائة، بل لم يبلغوا ثلاثين" (٢).

قلت: هذه شهادة موثقة بكبار الأئمة، تكتب بماء الذهب لصحتها، لذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "هذا الإسناد من أصح إسناد على وجه الأرض، ومحمد بن سيرين من أورع الناس في منطقته (٣)، ولكن تقدم أن من حضر للدفاع عن عثمان - رضي الله عنه - كانوا ستمائة، فلعل الغالب من غير الصحابة، فنلاحظ أن الذين وقفوا مع عثمان - رضي الله عنهم - وكانوا على استعداد للدفاع عنه؛ لأنهم عرفوا أن من قدم من مصر والكوفة والبصرة ما هم إلا خوارج الفتنة من أهل الأمصار وأهل المياه وعبيد أهل المدينة، فهم يريدون قتل عثمان أو تسفك دماء دونه، لذلك عزم عثمان عليهم بعدم القتال دفاعا عنه، جاء زيد بن ثابت إلى عثمان فقال له: "إن الأنصار بالباب يقولون: إن شئت كنا أنصارا لله مرتين" فقال عثمان: "أما القتل فلا" وقال: "أنا


(١) الطبقات الكبرى ٣/ ٧١.
(٢) الوجيز المفيد في تبيان أسباب ونتائج قتل عثمان بن عفان ١/ ٧.
(٣) الوجيز المفيد في تبيان أسباب ونتائج قتل عثمان بن عفان ١/ ٧.

<<  <   >  >>