للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صدقت، قال فعجبنا له يسأله ويصدقه، قال: أخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر كله: خيره وشره، قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال: فأخبرني عن الساعة، قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل، قال: فأخبرني عن أماراتها - يعني علاماتها - قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة: رعاء الشاء يتطاولون في البنيان» قال: ثم انطلق فلبثت ثلاثا، ثم قال: «يا عمر أتدري من السائل؟ » قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «فإنه جبريل - عليه السلام - جاءكم يعلمكم دينكم» (١).

تضمن هذا الحديث تحديدا لأركان الإيمان وهي ستة: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر كله: خيره وشره» وما من ركيزة من الركائز الأربع التالية لها إلا وهذه الركيزة محورها، وقد يقول قائل: لِمَ ذكر أركان الإسلام إذاً؟ فالجواب أن الإيمان والإسلام اسمان لمعنى واحد، إذا اجتمعا افترقا في تفسير كل منهما، وأن الإسلام الإقرار باللسان، والعمل بالأركان، وأن الإيمان الاعتقاد بالقلب، وإذا افترقا أغنى كل منهما عن ذكر الآخر، لدخوله فيه ضمنا، فارتبط الظاهر بالباطن، والتحمت ركائز الوحدة الإسلامية، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: «ذاق طعم الإيمان من رضي الله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولا» (٢)، لاحتواء الإيمان الركائز الثلاث التالية له، لأن المسلم تحصَّل له بالإيمان العلم بالله - عز وجل - فرضي به ربا، وحصلت له معرفة بالإسلام فرضيه منهجا، وحصل له الإقرار بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - فرضيه نبيا ورسولا، وليُعلم أن مسمى الإيمان ليس محصورا في الأركان الستة ومعها أركان الإسلام الخمسة، بل هو أوسع من ذلك فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الإيمان بضع وستون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان» (٣)، ورواية مسلم «بضع وسبعون شعبة» (٤)، فما ورد في حديث


(١) مسلم حديث (٨).
(٢) مسلم حديث (٤٩).
(٣) البخاري حديث (٩).
(٤) البخاري حديث (١٦١) ..

<<  <   >  >>