وصرف الأمور عن ظواهرها، وإما بالقدح في نقلة السنة العدول، ونبزهم بالكذب على رسول الله واختلاق ما يناقض الكتاب والسنة الصحيحة، كما سيأتي عن الرافضة، فكان أول من شذ عن الهدى واتبع غير سبيل المؤمنين الخوارج؛ فهم نابتة سوء برزت في عهد عثمان - رضي الله عنه -، واشتهر أمرهم في الخروج على علي الخليفة الراشد - رضي الله عنه -، وشهدوا بالضلال على من هو خير منهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل بالكفر فكفروا عليا من معه من الأصحاب - رضي الله عنهم -، بل أبطلوا شهادة الله لهم بالإيمان، فإذا فعلو هذا مع زكاهم الله، وشهد لهم بالخيرية والإيمان، فهم مع عامة المؤمنين أشد عداوة فلا يرون لهم حقًا لمن عداهم ليس لهم إلا السيف واستباحة المال والعرض، ولم تجتمع كلمة المسلمين على الخوارج، بل هم أنفسهم على كثرة فرقهم لم يجتمعوا، وكفّر بعضهم بعضا والتاريخ شاهد بذلك، وذلك رحمة من الله بالمسلمين فلو اجتمعت كلمتهم لعادت الجاهلية على أشدها، وانتشر الفساد في الأرض، وتعطلت شعائر الإسلام من صوم وصلاة وحج وزكاة وغير ذلك، فالحمد لله الذي لم يظهر الخوارج على كثرة فرقهم على عباده الصالحين، فكا هذا نصرا منه تعالى لعباده المؤمنين قال تعالى:{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}(١)، وهذا من أوضح الأدلة على فساد منهج الخوارج؛ لأن الله لم يجمع كلمتهم بل كان يقتل بعضهم بعضا ويكفر بعضهم بعضا، وقد جمع الله كلمة أهل السنة والجماعة، وأقام لهم من الحكام من حكم فيهم بكتاب الله وسنة رسوله، وإن وقعت من بعضهم هنات، ولكنهم إلى الخير أنزع، ولإقامة العدل والحدود أقرب، أما الخوارج فقد وصفهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمته، وبين الحكم عليهم، حين أتاه ذو الخويصرة، وهو رجل من بني تميم، فقال: يا رسول الله اعدل، فقال:«ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل، قد خبتُ وخسرتُ إن لم أكن أعدل» فقال عمر: " يا رسول الله، ائذن لي فيه فأضرب عنقه؟ " فقال: «دعه، فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر