للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى نصله (١) فلا يوجد فيه شيء (٢)، ثم ينظر إلى رصافه (٣) فما يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نضيه (٤)، فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى قذذه (٥) فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدم، آيتهم رجل أسود، إحدى عضديه مثل ثدي المرأة، أو مثل البضعة تدردر (٦)، ويخرجون على حين فرقة من الناس» (٧).

قال أبو سعيد: "فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأشهد أن علي ابن أبي طالب قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل فالتمس فأتي به، حتى نظرت إليه على نعت النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي نعته " (٨) هذا وصفهم والحكم عليهم، فسماهم الناس خوارج لخروجهم على عثمان الخليفة الراشد، واستباحتهم دمه، في الأشهر الحرم، في ذي الحجة، واقتحام داره وقتله وهو يتلوا كتاب الله - عز وجل - لتقع أول قطرة من دمه على قول الله تعالى: {فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (٩).

وبقتله وقعت الفتنة العظيمة التي أخبر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والناس في بقايا من شرها إلى اليوم، فظهرت أول فرقة شقّت الوحدة الإسلامية، مع الاحتراز عن التعميم فما كل فرد منهم كان يريد قتل عثمان - رضي الله عنه -، ولا كل فرد رضي بقتله - رضي الله عنه -، ومنهم من قصد وترصد وانتهز الفرصة فتولى كبر تلك الفتنة، ولا أستبعد أنهم نواة الخوارج المنشقين على علي - رضي الله عنه -، فارقوا معاوية إلى صف علي رضي الله عنهما، ثم واصلوا كسر الوحدة الإسلامية بإعلانهم تكفير علي - رضي الله عنه -، وكذلك ليس كل من خرج على علي كان مكفرا له، بدليل رجوع عدد كبير منهم لما ناظرهم


(١) نصل السهم حدية مسننة تركب في رأسه.
(٢) لا يوجد أثر للدم من سرعة الاختراق والمرور، شبه به سرعة مروق الخوارج من الدين.
(٣) عقبة السهم "مشارق الأنوار على صحاح الآثار ١/ ٢٩٣".
(٤) نضي الرمح ما فوق المقبض من صدره "العين ٧/ ٥٩".
(٥) ريش السهم؛ واحدتها قذة " مشارق الأنوار على صحاح الآثار ٢/ ١٧٥".
(٦) تضطرب وتتحرك "غريب الحديث للخطابي ١/ ٣٧٩".
(٧) البخاري حديث (٣٦١٠) وفي مواضع عدة، ومسلم حديث (١٠٦٤).
(٨) البخاري حديث (٣٦١٠).
(٩) من اللآية (١٣٧) من سورة البقرة.

<<  <   >  >>