للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويرفق بالأرملة والمسكين، ويرفد أبناء السبيل، فظ في دين الله، غليظ على أعداء الله، قائم بشعائر الله، لا يستحي من الحق، ولا يداهن الخلق".

فقال القس: أكانت له الهيبة على عهد نبيكم؟ .

قال خالد - رضي الله عنه -: نعم سمعت سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - يقول: استأذن يوما عمر - رضي الله عنه - فأُذن له، فدخل ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضحك، فقال عمر - رضي الله عنه -: أضحك الله سنك يا رسول الله (١).

قال: «عجبت من هؤلاء اللواتي كن عندي فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب» فقال عمر أنت أحق أن يهبنك، وقال لهن: يا عدوات أنفسكن، أتهبنني ولا تهبن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ! ؛ فقلن: نعم، أنت فظ غليظ دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غيره» (٢).

قال: فلما سمع القس ذلك قال: "بركة نبيكم عادت على إمامكم وعليكم".

فقال خالد - رضي الله عنه -: وما يمنعك من الدخول في ديننا؟ ! فقال حتى يشاء صاحب هذه الخضراء (٣).

قال الإمام مالك بن أنس رحمه الله: كان عمر رجلا جسيما أصلع وكان يشبه خالد بن الوليد، وأنه خرج سحرا فلقيه شيخ فقال مرحبا بك يا أبا الوليد يعني خالد فرد عليه عمر فقال عزلك ابن الخطاب قال له عمر: نعم، قال لا يشبع لا أشبع الله بطنه فماذا عندك؟ ، قال ما عندي إلا سمع وطاعة قال فلما أصبح بعث إلى خالد بن الوليد فقال أي شيء قال لك الرجل قال ما قال لي شيئا، قال فقال الرجل قد كان بعض ذلك فاعف عفا الله عنك فضحك عمر وأخبرهم الخبر، وقال لأن يكون من ورائي على مثل رأيك أحب إلي من كذا وكذا (٤).

وفي رواية: قدم علقمة بن علاثة على عمر من الشام فسأله أن ينقل ديوان ابن أخيه إليه، وسأله راعيا لإبله فلم يجبه إلى شيء من ذلك، فلما كان الليل التقى هو وعمر فظن علقمة أن عمر خالد بن الوليد؛ وكان يُشبّه به فقال: ما حمل أمير


(١) فتوح الشام ٢/ ٥٩.
(٢) البخاري حديث (٣٢٩٤) وفي مواضع عدة.
(٣) فتوح الشام ١/ ٩١.
(٤) تاريخ دمشق لابن عساكر ٤١/ ١٥٢.

<<  <   >  >>