للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الولاء: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي - رضي الله عنهم -، والشيعة يرون عليا - رضي الله عنه - الأحق أولاً، من غير سب للثلاثة - رضي الله عنهم -؛ هكذا كان الخلاف بين السنة والشيعة، ولكن التشيع لم يقف عند هذا الحد، ولو وقف عند هذا لهان الخطب كثيرا، لأنه خلاف لا يفقد للود قضية، ولم يخرج معتقدوه عن المعتقد العام لأهل السنة والجماعة، لكن تطور التشيع حتى خرج عن هذا تماما، وابتدع منهجا للتشيع بعيدا كل البعد عن المعتقد العام للرعيل الأول، وكان التطور مبنيا على خطة متدرجة في البعد عن منهج الكتاب والسنة، أحكم نسجها عبد الله بن سبأ اليهودي الأصل، المتستر بالإسلام ظاهرا.

إن الله - عز وجل - أنزل كتابه العزيز على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بلغة العرب، فالقرآن عربي، والرسول عربي، وقد امتدح الله - عز وجل - لغة العرب فقال: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} (١)، ولذلك لم يعسر على العرب فهم دلالاته، من أول ما سمعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعوهم إلى قول: "لا إله إلا الله"، فهموا معناها مباشرة دون تفكير ولا عناء، فقالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (٢)، ولم يقل أحد من العرب: إن لهذا الكلام باطنا لا نعلمه، بل فهموه بدلالة الظاهر من غير تأويل ولا تحريف، ولم ينقل عن أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن لهذا القرآن باطنا لا يعلمه إلا الخواص، نعم ورد في التأويل قال تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} (٣)، والمراد أن القرآن الكريم فيه المحكم؛ وهو بين واضح لا لبس فيه، وفيه المتشابه؛ الذي يحتاج إلى الفهم الدقيق، ويحتمل التأويل وهو قليل، ولا يختلف عليه الراسخون في العلم، بل يؤمنون بالمتشابه؛ كإيمانهم بالمحكم؛ لأن كلاً من عند الله - عز وجل -، وعلى هذا درج العهد النبوي والخلافة الراشدة، فلما ظهرت الرافضة باسم الشيعة رفضت ذلك المنهج السوي، وشرعت في مناقضته جملة وتفصيلا، وجعلت للقرآن ظاهرا يعلمه


(١) الآية (١٩٥) من سورة الشعراء.
(٢) الآية (٥) من سورة: ص.
(٣) الآية (٥) من سورة آل عمران ..

<<  <   >  >>