للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن نازعوا في ولاية أبي بكر - رضي الله عنه -، ولم يزعموا أن أحدا من هذه الأمة معصوما سوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يزعموا أن بقعة على وجه الأرض أشرف من مكة المكرمة، والمدينة المنورة، ومكة أشرف من المدينة بوجود بيت الله فيها، والمدينة أشرف من مكة بجسد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبينهما عموم وخصوص من وجه، ثم المسجد الأقصى لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تُشَدُّ الرّحال إلاّ إِلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، ومسجد الحرام، ومسجد الأقصَى» (١)، والمراد عدم جواز شد الرحال للعبادة والتقرب إلى الله تعالى، إلى أي مسجد، على وجه الأرض بهذا القصد إلا للثلاثة المذكورة، وهذا تشريع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا ينطق عن الهوى، لعموم الأمة المحمدية، وقد تضمن هذا التشريع هدفا عظيما وهو وحدة الأمة المحمدية في شد الرحال للعبادة، وعلى هذا الأساس فكلنا شيعة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وعلي - رضي الله عنه - وآل البيت عموما؛ لأن هذا منهجهم، ومن زعم أنه من شيعة علي - رضي الله عنه -، وكان على غير هذه المقاصد، فهو إما تابع لابن سبأ، وإما جاهل بهذه المقاصد مُغرّر به، فإن كان تابعا لابن سبأ فلا شك في مجوسيته ويهوديته، وأنه حرب على الإسلام والمسلمين، وإن لبس عباءة حب آل البيت، فإنما هي شكل لا مضمون، وإن كان جاهلا مُغرّرا به، فندعوه إلى نبع الإسلام الصافي: الكتاب والسنة، ونحذره من البقاء في وحل الباطنية، والتبعية لأئمتها المضلين، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إني لا أخاف على أمتي إلا الأئمة المضلين، ولن تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي المشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان، وإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة، وسيخرج في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم الأنبياء لا نبي بعدي، ولكن لا تزال في أمتي طائفة يقاتلون على الحق، ظاهرين لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله» (٢)،

فمن عرف الحق واهتدى فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ومن اختار مزاعم ابن سبأ فتلك مجوسية معلومة، ومن بقي جامدا على جهله فلا يصح أن يكون من شيعة علي بل هو من الرافضة وهم الذين ناصبوا أصحاب رسول الله


(١) أخرجه مسلم، حديث (٢٢٩٥) ..
(٢) الحاكم، حديث (٨٣٩٠) ..

<<  <   >  >>