للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على سبب فرَّق الأمم السابقة سوى الاعتقاد، وما بعث الله رسولا إلا قال لقومه: {اعْبُدُوا اللَّهَ} (١)، قالها نوح، وإبراهيم، وهود، وصالح، وشعيب، وموسى، وعيسى، عليهم السلام، كانت دعوتهم متفقة على عبادة الله وحده لا شريك له؛ لأنها محور الوحدة بين العباد، وهي سبيل الله الذي لا يضيع سالكه أبدا؛ قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} (٢)، ونهى تعالى عن سلوك أي سبيل آخر لأنها طرق ضلال نهايتها إبعاد سالكها عن الصواب؛ قال تعالى: {وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (٣)، أكد تعالى هذا الشأن بأن جعله وصيته لعباده، لأن الوصية زيادة حرص على الموصى به، والعمل بها مضمون العاقبة؛ قال تعالى: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (٤)، وأكثر مما ذكرت أن الله تعالى طالب كل أمة بعبادته وحده لا شريك له، وأمرهم باجتناب كل معبود سواه، قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (٥)، ومع ذلك لم يُرزق بعضهم الهداية إلى عبادة الله - عز وجل -، قال تعالى: {فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} (٦).

ويكفي دليلا على كثرة الفرق الضالة استعراض فرق الخوارج، والرافضة، ومن تسموا بالشيعة، وفرق الصوفية فإنه يُرى العجب العجاب من كثرة الفرق واختلافها في العقيدة والمنهج، وما بينها من العداوة والبغضاء؛ يكفر بعضهم بعضا ويلعن بعضهم بعضا، ومن كان له عقل نظيف يجزم بأنهم ليسوا من الناجين،


(١) أنظر الآيات (٧٢) من سورة المائدة، والآيات (٥٩، ٦٥، ٧٣) من سورة الأعراف، والآية (٥٠، ٦١، ٨٤، ١٣٨) من سورة هود، والآية (١٦) من سورة العنكبوت، والآية (١٥) من سورة الشورى، والآية (٦٤) من سورة الزخرف، والآيات في هذا الصدد كثيرة في كتاب الله - عز وجل - ..
(٢) من الآية (١٥٣) من سورة الأنعام.
(٣) من الآية (١٥٣) من سورة الأنعام.
(٤) من الآية (١٥٣) من سورة الأنعام.
(٥) من الآية (٣٦) من سورة النحل.
(٦) من الآية (٣٦) من سورة النحل.

<<  <   >  >>