للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خيرهم، كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم" (١)، فما هو خيرهم الذي جمعهم الله عليه بعد نبيهم، أليس هو أبو بكر - رضي الله عنه -.

ونحن أهل السنة نقول: إن الولاية بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يرد فيها نص صريح، لا من كتاب الله - عز وجل - ولا من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونتحدى الرافضة أن يحضروا نصا صحيحا في ذلك، بل ونباهلهم على عدم وجود النص، علما بأن من علمائهم من اعترف أنهم بحثوا في جميع المصادر السنية والشيعية ليجدوا نصا واحدا من الكتاب أو السنة صحيحا صريحا في الولاية وخرجوا من بحثهم بخفي حنين، وأبقوا على كتمان الأمر لمصالح شخصية، وخوفا من طغيان الغلاة.

ولو أخذنا بقول الرافضة: إن حديث الغدير نص في الولاية للزمنا أمران:

الأول: تفسير "المولى بالوالي" وهو هنا المراد به النصير والمحب الموالي، وإلا يناقض ما ورد في كتاب الله تعالى في شأن الولاية، قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} (٢)، هذه الآية الكريمة يسمونها آية الولاية، ويقولون: إنها تدل على أن إمام المسلمين بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بلا فصل هو على بن أبى طالب، لأن لفظة "إنما" تفيد الحصر و"وليكم" تفيد من هو أولى بتدبير الأمور ووجوب طاعته، ويزعمون أن الآية الكريمة نزلت في على بلا خلاف عندما تصدق بخاتمه وهو راكع. وهذا باطل؛ لأن الروايات التي تشير إلى هذا، لا يصح شيء منها بالكلية لضعف أسانيدها وجهالة رجالها، وهذا معلوم عند أهل العلم بالأسانيد والجرح والتعديل، والصحيح الذي لا شك فيه أن معنى قوله تعالى {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} ليس اليهود بأوليائكم، بل ولايتكم راجعة إلى الله ورسوله والمؤمنين، وقوله: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} أي المؤمنون المتصفون بهذه الصفات من إقامة الصلاة التي هي بعد الشهادتين أكبر أركان الإسلام، وهى له وحده لا شريك له، وإيتاء الزكاة التي هي حق المخلوقين ومساعدة للمحتاجين من الضعفاء والمساكين.


(١) البداية والنهاية ٨/ ٩٥، وسنده قوي
(٢) الآية (٥٥) من سورة المائدة.

<<  <   >  >>