للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (١)، نقاء في الاعتقاد، حين تحقق فيهم قول الله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (٢)، تمسكوا بوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟ » قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال بإصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: «اللهم اشهد، اللهم اشهد» (٣)، وهم الواعون لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل ينثني شبعانا على أريكته يقول: عليكم بالقرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السباع، ألا ولا لقطة من مال معاهد، إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروهم، فإن لم يقروهم فلهم أن يعقبوهم بمثل قراهم» (٤)، وهم الصابرون امتثالا لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض» (٥)، وغير ذلك كثير من منهج الإسلام، مما يطول ذكره وتفصيله، إنها فرقة مجاهدة في تطبيق الكتاب والسنة، جملة وتفصيلا، في كل مناحي الحياة، حتى في كيفية لباس الثوب، والنعل، وآداب الدخول والخروج، وركوب الدابة، قائمون على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي وعد الله - عز وجل -، ومن كان حريصا على مثل هذه الشعائر اليسيرة السهلة، فهو لما سواها من الأمور العظيمة أطلب، وعليها أحرص، ولرسم الصورة لمنهج المهتدين، نَطْرق باب المهتدي الأول.

والعجب أن لفتة أعرض عنها أهل الأهواء، وكأنها عندهم لم تكن ولم ينطق بها المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، مع أنها من غرر كلامه - صلى الله عليه وسلم -، ومن علامات صدق نبوته حين قال في شأن الاختلاف والفتن: «فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتى وسنة الخلفاء


(١) الآية (١٠٨) من سورة يوسف.
(٢) من الاية (٣٦) من سورة النساء.
(٣) أخرجه مسلم، حديث (١٢١٧) وهو طويل.
(٤) أخرجه أحمد المسند حديث (١٧٢١٣).
(٥) البخاري حديث (٣٧٩٢) ومسلم حديث (٢٤٩٣) ..

<<  <   >  >>