للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله - صلى الله عليه وسلم -: «خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله الملك أو ملكه من يشاء» (١)، حيث تنتهي الخلافة الراشدة بقتل علي - رضي الله عنه -، ولعن الله قاتله عبد الرحمن بن ملجم، وقد تجاوز خبر الخلفاء حدود الخلافة الراشدة، روى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يكون اثنا عشر خليفة» - فذكر أبا بكر - رضي الله عنه -، وعمر - رضي الله عنه -، وعثمان - رضي الله عنه - - فقال له رجل من قومه: إنما جلسنا إليك لتذكرنا، ما لنا وما لهذا؟ فقال: والذي نفسي بيده، لو تركتني لأخبرتكم بما قال فيهم واحدا واحدا (٢)، روى جابر بن سمرة، قال: دخلت مع أبي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسمعته يقول: «إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة» قال: ثم تكلم بكلام خفي عَليّ، قال: فقلت لأبي: ما قال؟ قال: «كلهم من قريش» (٣).

قلت: بيَّن الحافظ ابن حجر رحمه الله المراد من هذا الحديث بناء على تأييد القاضي عياض رحمه الله بقوله: في بعض طرق الحديث الصحيحة «كلهم يجتمع عليه الناس» وإيضاح ذلك أن المراد بالاجتماع انقيادهم لبيعته والذي وقع أن الناس اجتمعوا على أبي بكر - رضي الله عنه -، ثم عمر - رضي الله عنه -، ثم عثمان - رضي الله عنه -، ثم علي - رضي الله عنه -، إلى أن وقع أمر الحكمين في صفين فسمي معاوية يومئذ بالخلافة، ثم اجتمع الناس على معاوية - رضي الله عنه - عند صلح الحسن - رضي الله عنه -، ثم اجتمعوا على ولده يزيد، ولم ينتظم للحسين - رضي الله عنه - أمر بل قتل قبل ذلك، ثم لما مات يزيد وقع الاختلاف إلى أن اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير، ثم اجتمعوا على أولاده الأربعة: الوليد، ثم سليمان، ثم يزيد، ثم هشام، وتخلل بين سليمان ويزيد عمر بن عبد العزيز، فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين، والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك اجتمع الناس عليه لما مات عمه هشام فولي نحو أربع سنين، ثم قاموا عليه فقتلوه، وانتشرت الفتن وتغيرت الأحوال من يومئذ، ولم يتفق أن يجتمع الناس على خليفة بعد ذلك، لأن يزيد بن الوليد الذي قام على ابن عمه الوليد بن يزيد لم


(١) أبو داود حديث (٤٦٤٦).
(٢) السنة لابن أبي عاصم حديث (١١٨٢).
(٣) مسلم حديث (١٨٢١).

<<  <   >  >>