للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلامي معقودة من قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لجيش يقوده أسامة بن زيد - رضي الله عنه -، وجهه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الشام، فلما وصل إلى مكان يسمى ذي خشب (١)، توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢)، وفي الوقت نفسه ارتد بعض العرب، فاجتمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأوا ضرورة إلغاء جيش أسامة، فلما عزم أبو بكر - رضي الله عنه - على إنفاذ جيش أسامة - رضي الله عنه -، والحال ما ذكرنا، لم يرض هذا الإجراء كثير من الصحابة - رضي الله عنهم - ومنهم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وأشاروا على خليفة رسول الله أن لا ينفذ جيش أسامة؛ لاحتياجه إليه فيما هو أهم، في الأحداث القائمة، لرد خطرها عن الإسلام والمسلمين، والاستقواء بجيش أسامة على قمع المرتدين، وإعادتهم إلى حضيرة الإسلام، وإلا اتسع الخرق على الراقع، وربما تكون فتنة كبرى، يصطلي بنارها المسلمون، وتقوى شوكة الأعداء، ولا ريب أنها مشورة ذات أهمية بالغة، ولها وزنها وقدرها العظيم، وهم مأجورون على ذلك - رضي الله عنهم -، غير أن شجاعة الصديق وبعد نظره، وتعظيمه لله ورسوله جعله يأبى أشد الإباء، ويقول لمحبيه والناصحين له: «والذي لا إله إلا هو لو جرَّت الكلاب بأرجل أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما رددت جيشاً وجهه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا حللت لواءً عقده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (٣)، لأجهزن جيش أسامة، وآمر الحرس يكونون حول المدينة، فحاوره يزيد الضخم فقال: ما أراك تنحاش لِما قد بلغ من الناس، ولِما يتوقع من إغارة العدو؟ ، فقال: ما دخلني إشفاق من شيءٍ، ولا دخلني في الدين وحشة إلى أحد بعد ليلة الغار، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رأى إشفاقي عليه وعلى الدين، قال لي: «هون عليك، فإن الله قد قضى لهذا الأمر بالنصر والتمام» (٤)، فسمع الصحابة وأطاعوا، وخرج أبو بكر - رضي الله عنه -


(١) هو بضمتين: وادٍ قريب من جبل البيضاء من جهة بواط، على مَسِيرةِ لَيْلة من المَدينة، قال الطرماح:
أو كالفتى حاتم إذ قال ما ملكت ** كفاي للناس نهبى يوم ذي خشب (لسان العرب ١/ ٣٥١، والجبال والأمكنة والمياه ١/ ٢٠٧).
(٢) مختصر تاريخ دمشق (٤/ ٢٩١).
(٣) مختصر تاريخ دمشق (٤/ ٢٩١).
(٤) مختصر تاريخ دمشق (٤/ ٢٩١) ..

<<  <   >  >>