للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما سمعته يقول: «أولاء استغفروا الله تعالى» (١)، وهذا يوقفنا على علامة أخرى من علامات نبوته - صلى الله عليه وسلم -، فقد حدث ما أشار إليه في ذلك التخيير، وعلامة أخرى رواها الحافظ ابن حجر رحمه الله: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى الحنفية (٢) في بيت فاطمة، فأخبر عليا أنها ستصير له، وأنه يولد له منها ولد اسمه محمد، قال الحافظ: وهذا يؤكد أن عليا - رضي الله عنه - قد شارك في حروب الردة (٣)، كيف لا وهو القائل - رضي الله عنه -: "فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فبايعته ونهضت في تلك الأحداث - حروب الردة - حتى زاغ الباطل وزهق، وكانت كلمة الله هي العليا ولو كره الكافرون، فتولى أبو بكر تلك الأمور فيسر وسدد وقارب واقتصد، فصحبته مناصحاً وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهداً" (٤)، ولولا الله ثم وقفة أبي بكر والصحابة - رضي الله عنهم - في القضاء على الفتنة لولا ذلك لما قام للإسلام قائمة، ولما جُيِّشت الجيوش لفتح الأمصار شرقا وغربا تستقبل الأذان والعدل والمساواة، إن أبا بكر - رضي الله عنه -، بموقفه من المرتدين ومؤازرة الصحابة - رضي الله عنهم - له استعاد هيبة الإسلام، وحمى أركانه، وقد لقي الصحابة في ذلك شدة، ولاسيما في وقعة اليمامة التي قاتل فيها الْمسلمون مسيلمة الكذاب ومن معه، واستشهد فيها من الصحابة أكثر من ستمائة رجل، وكان جملة القتلى من الْمسلمين نحو (٩٦٠) رجلاً، منهم سبعون من الحفاظ (٥)، وقتل من الْمرتدين أكثر من عشرين ألف رجل (٦)، ولسنا في صدد تفصيلات حروب الردة، فذلك القول فيه طويل، وإنما أردنا التذكير بشيء من ذلك.


(١) أسد الغابة (١/ ٣٨٨).
(٢) أم محمد بن علي بن أبي طالب المعروف بابن الحنفية؛ وهي من سبي بني حنيفة، في حروب الردة، التي كان علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - من المشاركين فيها.
(٣) تلخيص الحبير ٤/ ٥٠.
(٤) نهج البلاغة ٦١ ..
(٥) فتح الباري ٨/ ٦٦٨.
(٦) تاريخ الطبري ٢/ ٢٨٣.

<<  <   >  >>