للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفتوحات، يضرب بعدله المثل، كان في الجاهلية من أبطال قريش وأشرافهم، وله السفارة فيهم، ينافر عنهم وينذر من أرادوا إنذاره، وقد أعز الله بإسلامه المسلمين، أسلم قبل الهجرة بخمس سنين، وأعلن لقريش هجرته إلى المدينة، وشهد الوقائع كلها، وكان عمر - رضي الله عنه - يقضي على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونزل القرآن بموافقته.

قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "ما نزل بالناس أمر قط، فقالوا فيه وقال فيه ابن الخطاب، أو قال: عمر، إلا نزل القرآن على نحو مما قال عمر" (١).

وقال عمر - رضي الله عنه - (٢): "وافقت ربي في أربع، قلت: يا رسول الله لو صلينا خلف المقام، فأنزل الله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (٣)، وقلت: يا رسول الله لو اتخذت على نسائك حجابا: فإنه يدخل عليك البر والفاجر، فأنزل الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (٤)، وفي رواية أنه قال: وقوله للنبي - صلى الله عليه وسلم - لما اعتزل نساءه ووجد عليهن: يا رسول الله، إن كنت طلقتهن، فإن الله معك، وملائكته، وجبريل، وميكائيل، وأنا، وأبو بكر، والمؤمنون معك".

قال عمر - رضي الله عنه -: "وقَلَّ ما تكلمتُ - وأحمدُ الله - بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول، فنزلت آية التخيير (٥)، وقلت لأزواج النبي: لتنتهن أو ليبدله الله سبحانه أزواجا خيرا منكن، فأنزل الله تعالى: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} (٦)، ونزلت: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ


(١) فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ١/ ٢٥١.
(٢) أسباب النزول ت الحميدان ١/ ٣١٣.
(٣) من الآية (١٢٥) من سورة البقرة.
(٤) من الآية (٥٣) من سورة الأحزاب.
(٥) فتح الباري لابن رجب ٣/ ٩٨.
(٦) من الآية (٥) من سورة التحريم.

<<  <   >  >>