للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الله - عز وجل - لصدق نبوته - صلى الله عليه وسلم -، وتثبيتا لقلوب المؤمنين به، فما زادهم ذلك إلا إيمانا، وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، لقد كانت حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم، نورا وسعادة وشفاء، بصَّر من العمى، وهدى من الضلال، وانتشر الإخاء بين بني آدم، وجمع الله به قلوب المؤمنين على المحبة والإخاء، والعمل بما جاء به - صلى الله عليه وسلم -، فاستظل الناس بعدله، وكمال خلقه وتواضعه - صلى الله عليه وسلم - وكان رحمة من الله - عز وجل - للأمة المحمدية ولا يزال كذلك حتى تقوم الساعة، وبعد قيام الساعة فهو شفيع الأمة المحمدية، لقد أشرق كل شيء في طيبة حين وصل إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأظلم كل شيء فيها حين لحق بالرفيق الأعلى - عز وجل -، كما في حديث أنس - رضي الله عنه - (١)، لكنه ربى جيلا هم خيار الناس على الإطلاق، الأمثل منهم فالأمثل، رضي الله عنهم أجمعين، على أن العهد النبوي لم يسلم من كيد أعداء الإسلام، كمحاولة يهود بني النظير قتله - صلى الله عليه وسلم -، وما جرى في فتوحاته من منازلة الأعداء، ولكن الله - عز وجل - كتب له ولأصحابه - رضي الله عنهم - النصر والتمكين، إعلاء لكلمته - عز وجل -، ورحمة بالأمة من عبادة غير الله - عز وجل -، كان العهد النبوي رحمة للعالمين، لم تكن رحمته - صلى الله عليه وسلم - قاصرة على العرب بني جنسه ومحتده، بل كل من آمن به من بني آدم، وعمل بما جاء به من الهدى، فاز في الدنيا والآخرة، فهو المبعوث إلى الناس كافة، ولقد تعدى خيره وبركته إلى غير المؤمنين به، من أهل الذمة، بما أبرم لهم من حقوق يلتزم بها المسلمون، فقد حفظ دماءهم وأعراضهم وأموالهم، فلا يجوز الاعتداء عليهم بغير حق قال - صلى الله عليه وسلم -: «من قتل نفسا معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما» (٢)، وكان المؤمنون به أمة واحدة، كما وصفهم رب العزة والجلال {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (٣)، المراد أمة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهم كل من صدقه وآمن به من جميع بني آدم على اختلاف لغاتهم، وألوانهم، وتعدد قبائلهم وشعوبهم وأعراقهم، هذه الخيرية جاءت من إيمانهم بالله - عز وجل - ورسوله - صلى الله عليه وسلم -،


(١) الترمذي حديث (٣٦١٨) ..
(٢) البخاري حديث (٦٤٠٣).
(٣) من الآية (١١٠) من سورة آل عمران.

<<  <   >  >>