للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتوجهت إرادته إلى السير فيما سار فيه خليفة رسول الله أبو بكر - رضي الله عنه -، حيث عزم على ما عزم عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تسيير الجيوش لفتح الأمصار وإعلاء كلمة الله - عز وجل - التي أُرسل نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - لنشرها، وشُرع من أجلها الجهاد في سبيل الله، فكان ذلك الاقتداء من الخليفتين أبي بكر وعمر أمرا شرعيا، وعملا مرضيا، ففتح الله على يدي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في سني خلافته أمصارا كثيرة من أرض فارس والعراق والشام، في معارك ضارية منها: الأهواز، ودستميسان، واليرموك، وبيت المقدس، ودمشق، وميسان، والجابية، وجلولاء، وقيساريّة، وبابل، ونهاوند، أرّجان، وإصطخر الأولى، وهمذان (١)، وأجنادين، وقد سار عمر - رضي الله عنه - في خلافته سيرة عظيمة، لم يكن لمن تلاه مثلها إلى يومنا هذا، ولربما إلى يوم الدين، سوى ما ذكر من أمر المهدي عند أهل السنة، فقد ورد أنه يملأ الأرض عدلا (٢).

إن فضائل عمر كثيرة، والأدلة في هذا كثيرة، فهو أول من وضع للعرب التاريخ الهجري، واتخذ بيت المال، وأمر ببناء البصرة والكوفة، وهو أول من دوّن الدواوين في الإسلام، لقَّبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالفاروق، وسراج الجنة، وهو من العشرة المبشرين بالجنة، قال أبو بكر - رضي الله عنه - حين عهد له بالخلافة: ولّيت عليهم خيرهم، وصدق أبو بكر - رضي الله عنه - فإن عمر بن الخطاب أفضل الأمة بعد أبي بكر رضي الله عنهما، وقد كان عمر - رضي الله عنه - دوّخ الفرس، والروم وأذلهم، وأزال ملكهم، وألجأهم الى الهرب، حتى وصلت خيوله افريقية، وأوائل خراسان، وأوائل الهند، فذلّ الشرك كله بذلك، وعَزّ الإسلام بمكانه وسلطانه، وبه عز من أسلم منهم، وبذلك ظهر الإسلام ظهورا كبيرا بالفتوحات، شرقا وغربا، وصارت كلمة الله هي العليا بما جرى في تلك الأمصار.


(١) المعارف ١/ ١٨٢.
(٢) تاريخ الطبري ٤/ ٢٠٢.

<<  <   >  >>