للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بيان أن على العالم ألا يقنط عباد الله عن رحمة الله]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر البيان بأن على العالم ألا يقنط عباد الله عن رحمة الله.

سمعت أبا خليفة يقول: سمعت عبد الرحمن بن بكر بن الربيع بن مسلم يقول: سمعت الربيع بن مسلم يقول: سمعت محمداً يقول: سمعت أبا هريرة يقول: (مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رهط من أصحابه وهم يضحكون، فقال: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، فأتاه جبريل فقال: إن الله يقول لك: لم تقنط عبادي؟ قال: فرجع إليهم، فقال: سددوا، وقاربوا، وأبشروا)].

قال في تخريجه: إسناده صحيح على شرط مسلم، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد.

قال الله في الآية الكريمة: {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} [الحجر:٥٦]، وقال: {إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ} [يوسف:٨٧]، لا ينبغي للإنسان أن يقنط أو ييئس، بل هذا كبيرة من الكبائر، والقنوط من رحمة الله واليأس من روح الله مقدمة إلى الكفر.

وقوله: [(ولو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً)].

اليائس المتشائم مسيء للظن بالله عز وجل، يرى أنه هالك، وفي ضمن ذلك إنكاره للتوبة ويرى أنه هالك، وأن التوبة لا تفيد.

قوله: (لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً) في البخاري في الأيمان والنذور.

قال أبو حاتم رضي الله عنه: (سددوا) يريد به: كونوا مسددين، والتسديد: لزوم طريقة النبي صلى الله عليه وسلم واتباع سنته، وقوله: (وقاربوا) يريد به: لا تحملوا على الأنفس من التشديد ما لا تطيقون، (وأبشروا) فإن لكم الجنة إذا لزمتم طريقتي في التسديد، وقاربتم في الأعمال].

(سددوا) يعني: حاولوا أن تصلوا إلى الصواب والسداد، فإن لم تقدروا فقاربوا السداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>