للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما جاء في نفي اسم الإيمان والمراد به الإيمان الكامل]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ذكر خبر ثان يصرح بإطلاق لفظة مرادها نفي الاسم عن الشيء للنقص عن الكمال لا الحكم على ظاهره.

أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري قال: حدثني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام كلهم يحدثون عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع المسلمون إليها أبصارهم وهو حين ينتهبها مؤمن) فقلت للزهري: ما هذا؟! فقال: على رسول الله صلى الله عليه وسلم البلاغ وعلينا التسليم].

هذا الحديث فيه نفي الإيمان، والمراد به نفي كمال الإيمان لا أصله؛ لأن المؤمن لا يزني حين يزني وهو مؤمن، ففيه نفي الاسم ويراد به نفي الكمال، فهو عنده أصل الإيمان، هو مؤمن بالله ورسوله وليس كافراً، لكنه نفي عنه كمال الإيمان، مثل قوله: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، وإخباره بأنه لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه، فهذا نفي الكمال، يعني: لا يؤمن الإيمان الكامل، فهو ضعيف الإيمان وناقص الإيمان.

وقوله في الترجمة: (ذكر خبر ثان يصرح بإطلاق لفظة مرادها نفي الاسم عن الشيء للنقص عن الكمال لا الحكم على ظاهره).

أي أن المراد نقص الكمال، بدليل أن الزاني والسارق والناهب يعامل معاملة المسلمين، فيغسل ويصلى عليه إذا مات ويرث ويورث، ولو كان كافراً ليس بمؤمن فإنه يقتل، ولا يغسل، ولا يصلى عليه، ولا يرث ولا يورث.

فإن قيل: هل وقت فعل الزنا أو شرب الخمر ينتفي الإيمان عن الفاعل بالكلية؟ ف

الجواب

لا ينتفي؛ لأن عنده أصل الإيمان، فلو سألته: هل أنت مؤمن بالله ورسوله؟ لقال: نعم أنا مؤمن بالله ورسوله.

فعنده أصل الإيمان، لكنه ضعيف الإيمان وناقص الإيمان.

وقد جاء في الحديث أنه يرتفع الإيمان فوق رأسه كأنه ظلة، ثم إذا تاب رجع قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ذكر خبر ثالث يصرح بالمعنى الذي ذكرناه.

أخبرنا أبو خليفة حدثنا أبو الوليد وابن كثير حدثنا شعبة واقد بن عبد الله أخبرني عن أبيه أنه سمع ابن عمر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض)].

والمراد هنا الكفر المنافي لكمال الإيمان؛ لأنهم ليسوا كفاراً، وذلك إذا لم يستحلوه، فهذا هو الكفر الأصغر الذي يضعف معه الإيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>