[صحة حج الصبي ومن في حكمه، وحصول الأجر للمتسبب في حجه]
قال المصنف رحمه الله تعالى:[ذكر الخبر الدال على صحة ما تأولنا الخبرين الأولين اللذين ذكرناهما، بأن القلم رفع عن الأقوام الذين ذكرناهم في كتبة الشر عليهم دون كتبة الخير لهم].
أي أن الخير يكتب لهم والشر لا يكتب عليهم.
[أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا عبد الجبار بن العلاء حدثنا سفيان قال: سمعت إبراهيم بن عقبة قال: سمعت كريباً يخبر عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم صدر من مكة -أي: خرج - فلما كان بالروحاء، استقبله ركب فسلم عليهم، فقال: من القوم؟ قالوا: المسلمون، فمن أنت؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففزعت امرأة منهم، فرفعت صبياً لها من محفة وأخذت بعضلته فقالت: يا رسول الله! هل لهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر)].
الحديث رواه مسلم في صحيحه، وفيه دليل على صحة حج الصبي ولو كان طفلاً في المهد، فإنه إذا عمل الخير يكتب له، قوله:(ألهذا حج؟ قال: نعم له حج ولك أجر) أي: لها أجر المعونة والسبب، وهذا يدل على أن الصبي إذا فعل الخير يكون الأجر له، ونسمع عن بعض العامة أنهم يقولون: إذا حج الصبي يكون حجه لأبيه، أو لأمه، أو لجده، أو لجدته، وهذا لا أصل له، بل يكون الأجر له، وللمتسبب على المعونة، إذ إن التسبب له أجر آخر، غير أجر الحج، وعلى وليه أن يكشف رأسه عند أداء النسك إن كان ذكراً ويلبسه إزاراً ورداءً ويطوف به وينوي عنه ولو كان في المهد، ويطوف به ويسعى ثم يقصر عنه، وإذا لم يتم الحج يلزم وليه أن يتمه ولا يجزئه ذلك عن حجة الإسلام، بل عليه إذا بلغ أن يحج، وكذلك العبد إذا أذن له سيده يصح حجه، ولا يكفيه عن الفرض كما جاء في الحديث:(أيما صبي حج ثم بلغ الحلم فعليه أن يحج حجة أخرى، وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه أن يحج حجة أخرى)، ويقاس على الصبي المجنون؛ لأن كلاً منهما مرفوع عنه القلم، فحكمهما واحد.
قال المصنف رحمه الله تعالى:[قال إبراهيم: فحدثت بهذا الحديث ابن المنكدر فحج بأهله أجمعين]، وإنما فعل ذلك حتى يستفيدوا ويؤجروا، والحديث رواه مسلم في باب صحة حج الصبي.
مسألة: المرأة إذا قتلت ابنها وهي نائمة؛ فإن الدية على العاقلة وعليها الكفارة.
وإذا مات القاتل ولم يكمل الكفارة، فإنه يلزم وليه أن يكملها.