قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر خبر أوهم بعض المستمعين ممن لم يطلب العلم من مظانه أنه مضاد للخبرين اللذين ذكرناهما.
أخبرنا ابن قتيبة قال: حدثنا يزيد بن موهب قال: حدثني الليث بن سعد عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيد الله بن عدي بن الخيار عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه أنه أخبره أنه قال: (يا رسول الله! أرأيت إن لقيت رجلاً من الكفار فقاتلني، فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها، ثم لاذ مني بشجرة وقال: أسلمت لله، أفأقتله بعد أن قالها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقتله، قلت: يا رسول الله! إنه قد قطع يدي، ثم قال ذلك بعد أن قطعها أفأقتله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقتله، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال)].
ومعنى قوله: إذا قتلته تكون بمنزلته قبل أن تقتله، أي: تكون مهدر الدم، وهو بمنزلتك قبل أن تقتله، أي: معصوم الدم؛ لأنه قال: لا إله إلا الله، وأنت إذا قتلته تصير مهدر الدم؛ لأنك قتلت مسلماً معصوم الدم فأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته مهدر الدم، وهو بمنزلتك بعد أن قالها معصوم الدم، وليس المراد أنه يكون كافراً.
والحديث أخرجه مسلم والبخاري في المغازي.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [قال أبو حاتم رضي الله عنه: قوله صلى الله عليه وسلم: (فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله) يريد به أنك تقتل قوداً - أي: قصاصاً - لأنه كان قبل أن أسلم حلال الدم، وإذا قتلته بعد إسلامه صرت بحالة تقتل مثله قوداً به، لا أن قتل المسلم يوجب كفراً يخرج من الملة إذ الله قال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}[البقرة:١٧٨]].
المراد بالخبرين في الترجمة: الخبر الذي قبل هذا والخبر الذي ترجمه بالخبر الدال على أن الإيمان والإسلام اسمان بمعنى واحد يشتمل ذلك المعنى على الأقوال والأفعال قبل هذا الخبر بثلاثة أحاديث.