قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر وصف الفرقة الناجية من بين الفرق التي تفترق عليها أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أحمد بن مكرم بن خالد البرتي حدثنا علي بن المديني حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا ثور بن يزيد حدثني خالد بن معدان حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر الكلاعي قالا: أتينا العرباض بن سارية - وهو ممن نزل فيه {وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ}[التوبة:٩٢]- فسلمنا وقلنا: أتيناك زائرين ومقتبسين، فقال العرباض:(صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ذات يوم، ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله! كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبداً حبشياً مجدعاً فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين فتمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)].
هذا الحديث يحث على لزوم الكتاب والسنة وفيه السمع والطاعة لولاة الأمور في طاعة الله وفي الأمور المباحة أما المعاصي فلا طاعة لهم فيها، وهذا مقيد في حديث آخر وهو قوله عليه الصلاة والسلام:(لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، إنما الطاعة بالمعروف) وإن كان عبداً حبشياً فيجب السمع والطاعة له مادام ولي الأمر قد ثبتت له البيعة بالانتخاب أو بولاية العهد أو بالغلبة والقوة؛ لأن هذا فيه استتباب الأمن، واجتماع الكلمة، أما الخروج على ولاة الأمور فهو مدعاة للفوضى والاضطراب، وإراقة الدماء، وتربص العدو بالبلاد ولهذا كان الخروج عليه من كبائر الذنوب، إلا إذا كفر كفراً صريحاً واضحاً، ووجد البرهان على ذلك، ووجد البديل واستطاع الناس أن يغيروه فهذا جائز.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال أبو حاتم: في قوله صلى الله عليه وسلم: (فعليكم بسنتي) عند ذكر الاختلاف الذي يكون في أمته بيان واضح أن من واظب على السنن، قال بها، ولم يعرج على غيرها من الآراء من الفرق الناجية في القيامة، جعلنا الله منهم بمنه].