[ذكر ما جاء في إضافة العرب الاسم إلى الشيء للقرب من التمام ونفيها عنه للنقص عن الكمال]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ذكر البيان بأن العرب في لغتها تضيف الاسم إلى الشيء للقرب من التمام، وتنفي الاسم عن الشيء للنقص عن الكمال.
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن زيد بن خالد الجهني أنه قال:(صلى لنا رسول الله صلى عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله وبرحمته؛ فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا؛ فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب)].
قوله:(أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر) يعني الكافر كفراً أصغر لا يخرج من الملة، ولكن قوله:(من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا) فيه تفصيل، فإن أراد أن نوء النجم له تأثير في إنزال المطر؛ فقوله هو الشرك الأكبر في الربوبية، وإن أراد أن النوء هو سبب، فقوله شرك أصغر؛ لأن الله لم يجعله سبباً.
وهذا الحديث إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في الموطأ، ومن طريق مالك أخرجه أحمد والبخاري.
وقال في الحا شية:(وأورد الحافظ ما قيل في شرح هذا الحديث، ثم قال: وأعلى ما وقفت عليه من ذلك كلام الشافعي، قال: (مطرنا بنوء كذا وكذا) على ما كان في بعض أهل الشرك يعنون من إضافة المطر، إلا أنه أمطره نوء كذا، فذلك كفر؛ لأن النوء وقت، والوقت مخلوق لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً، ومن قال: مطرنا بنوء كذا على معنى: مطرنا في وقت كذا؛ فلا يكون كفراً، وغير ذلك من الكلام.
قوله:(لأن النوء وقت) يعني أن المعنى سيكون: مطرنا في وقت كذا، والمعروف أن النوء هو النجم، وقد يطلق النوء على الوقت، فإذا أريد به الوقت فلا حرج، كأن يقول: مطرنا في وقت كذا، أما إذا قال: مطرنا بنوء كذا -يعني: بنجم كذا- مع اعتقاد أن للنجم تأثيراً عند المطر فهذا شرك أكبر، وإذا قال: مطرنا بنوء كذا مع اعتقاد أنه سبب فهو شرك أصغر، وإذا قال: مطرنا في نوء كذا يعني: في وقت كذا، فهذا لا بأس به.