قال رحمه الله تعالى: [ذكر وصف المصطفى صلى الله عليه وسلم قصر عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الجنة حيث رآه ليلة أسري به: أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو نصر التمار حدثنا حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دخلت الجنة فإذا أنا بقصر من ذهب، فقلت: لمن هذا القصر؟ فقالوا: لفتى من قريش؛ فظننت أنه لي، قلت: من هو؟ قيل: عمر بن الخطاب يا أبا حفص! لولا ما أعلم من غيرتك لدخلته، فقال: يا رسول الله! من كنت أغار عليه، فإني لم أكن أغار عليك)].
وفي لفظ: أن عمر رضي الله عنه بكى، والحديث أخرجه البخاري، وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وأبو نصر التمار هو عبد الملك بن عبد العزيز وأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار بهذا الإسناد، وأخرجه أحمد في المسند، وأخرجه ابن أبي شيبة.
وأخرجه البخاري في فضائل الصحابة: باب مناقب عمر بن الخطاب.
والحديث فيه فضل عمر رضي الله عنه، وهو منقبة له، وفي لفظ: أنه بكى عمر رضي الله عنه، وقال: أعليك أغار؟ بأبي أنت وأمي أعليك أغار؟! وفيه إثبات الجنة وأنها موجودة، وفيه الرد على المعتزلة القائلين بأن الجنة والنار معدومتان الآن، وإنما تخلقان يوم القيامة؛ لأن وجودهما الآن ولا جزاء عبث، والعبث محال على الله، وهذا من ضلالهم وجهلهم، والله تعالى قال عن الجنة:{أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}[آل عمران:١٣٣]، وقال عن النار:{أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}[البقرة:٢٤]، والمؤمن يفتح له باب إلى الجنة وهو في قبره يأتيه من روحها وطيبها، والكافر يفتح له باب إلى النار يأتيه من حرها وسمومها، وأرواح المؤمنين تنعم في الجنة.