قال المصنف رحمه الله تعالى:[ذكر البيان بأن من أحب الله جل وعلا، وصفيه صلى الله عليه وسلم، بإيثار أمرهما وابتغاء مرضاتهما على رضى من سواهما يكون في الجنة مع المصطفى صلى الله عليه وسلم].
إن من آثر محبة الله ومحبة صفيه -أي: النبي عليه الصلاة والسلام- العمل بأوامر الله ورسوله والانتهاء عما نهى الله أو نها عنه رسوله، هذا هو دليل المحبة، قال تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}[آل عمران:٣١] ومن أحب الله ورسوله امتثل لأوامرهما.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن أنس بن مالك: (أن أعرابياً سأل النبي صلى الله عليه وسلم -وكانوا هم أجدر أن يسألوه من أصحابه- فقال: يا رسول الله! متى الساعة؟ قال: وما أعددت لها؟ قال: ما أعددت لها إلا أني أحب الله ورسوله، قال: فإنك مع من أحببت) قال أنس: فما رأيت المسلمين فرحوا بشيء بعد الإسلام أشد من فرحهم بقوله].
وهذا حديث صحيح، وفيه بشارة لكل مؤمن يحب الله ورسوله، والمحب الصادق في محبته هو الذي يجتهد في العمل الذي كان يعمل به محبوبه حتى يلحق به، فإذا حصل تقصير فإن المحبة تجبر هذا النقص، أما من يدعي المحبة ولا يعمل فليس صادقاً في محبته، وإنما الصادق في محبته هو الذي يبذل وسعه ويجتهد بأن يقتدي بمن يحبه ويعمل به، فالصادق في محبة النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يقتدي به ويتأسى به في أقواله وأفعاله، فإذا حصل نقص جبرت المحبة هذا النقص لكنه يبذل وسعه في العمل واللحاق بمحبوبه.