للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر العلة التي من أجلها قال: (أوليس خياركم أولاد المشركين)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر العلة التي من أجلها قال صلى الله عليه وسلم: (أوليس خياركم أولاد المشركين).

سمعت أبا خليفة يقول: سمعت عبد الرحمن بن بكر بن الربيع بن مسلم يقول: سمعت الربيع بن مسلم يقول: سمعت محمد بن زياد يقول: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: (عجب ربنا من أقوام يقادون إلى الجنة في السلاسل)].

إسناده صحيح على شرط مسلم، وأخرجه أحمد والبخاري.

قال: [(عجب ربنا من أقوام يقادون إلى الجنة في السلاسل)].

فيه إثبات العجب لله عز وجل، وقوله: (بالسلاسل) يعني: بالجهاد، يقاتلون ثم يسلمون فيدخلون في الإسلام، يعني: يقاتلهم المسلمون، ثم يمن الله عليهم بالإسلام، فبالقوة يدخلون إلى الإسلام، ويقادون إلى الجنة بالسلاسل.

[قال أبو حاتم: قوله صلى الله عليه وسلم: (عجب ربنا) من ألفاظ التعارف التي لا يتهيأ علم المخاطب بما يخاطب به في القصد إلا بهذه الألفاظ التي استعملها الناس فيما بينهم، والقصد في هذا الخبر: السبي الذي يسبيهم المسلمون].

هذا غلط من أبي حاتم فقد أنكر صفة العجب، وله أغلاط أخرى في العقيدة، قوله: من الألفاظ التي يتعارف عليها، يعني: يقصد إنكار العجب، والصواب: أن هذا فيه صفة العجب لله عز وجل، وفي الحديث الآخر: (عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غيره)، (يعجب ربكم من شاب ليست له صبوة)، وفي قراءة: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [الصافات:١٢] (بل عجبتُ ويسخرون)، على هذا فيه إثبات العجب لله، ((بَلْ عَجِبْتُ)) على إحدى القراءتين، قراءة حفص: ((بَلْ عَجِبْتَ)) الخطاب للرسول، وقراءة (بل عجبتُ) فيه إثبات العجب لله، فـ أبو حاتم رحمه الله له تأويل في الصفات، قال أبو حاتم: هذا من الألفاظ التي نتعارف عليها، وليس المقصود إثبات العجب.

هكذا! من الألفاظ المتعارف عليها يخاطب الناس بما يعرفون، فأنكر بذلك صفة العجب لله.

فمعنى: (عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل) يعني: يجاهدهم ويقاتلهم المسلمون ويسبونهم ويكتفونهم، ثم يدخلون الإسلام ويدخلون الجنة.

قال: [والقصد في هذا الخبر السبي الذي يسبيهم المسلمون من دار الشرك مكتفين بالسلاسل يقادون بها إلى دور الإسلام حتى يسلموا فيدخلون الجنة، ولهذا المعنى أراد صلى الله عليه وسلم بقوله في خبر الأسود بن سريع: (أوليس خياركم أولاد المشركين)، وهذه اللفظة أطلقت أيضاً بحذف (من) عنها، يريد: أو ليس من خياركم].

يعني: أن الصحابة كان آباؤهم مشركين.

<<  <  ج: ص:  >  >>