قال المصنف رحمه الله تعالى:[ذكر الإخبار عما وضع الله من الحرج عن الواجد في نفسه ما لا يحل له أن ينطق به].
أي: الوساوس التي تكون في نفس الإنسان، فإذا وجد في نفسه الوساوس فليس عليه إثم، لكن عليه أن يدافعها وإذا كانت وساوساً تمر ولا تستقر فلا ينظر إليها، لكن عليه أن يدافعها ويحاربها ولا ينطق بها فإن فعل فلن تضره.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن بشر حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل: (يا رسول الله! إنا لنجد في أنفسنا أشياء ما نحب أن نتكلم بها وإن لنا ما طلعت عليه الشمس، فقال صلى الله عليه وسلم: قد وجدتم ذلك؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان)].
أي أن كتم الوسوسة، ودفعها ومحاربتها صريح الإيمان، وفي اللفظ الآخر: أنهم قالوا: (يا رسول الله! إنا لنجد في أنفسنا ما لأن يخر الإنسان من السماء خير له أن ينطق به) وفي لفظ: (ما لأن يكون حممة -يعني فحمة- خير له من أن يتكلم به، قال وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان)، أي أن كتم الوسوسة، ومحاربتها، ومدافعتها، واستعظام التكلم بها صريح الإيمان، وليس المعنى أن الوسوسة هي صريح الإيمان؛ لأنهم قد قالوا: يتمنى الواحد أن يسقط من السماء ولا يتكلم أو يكون حممة، أي: فحمة ولا يتكلم بالوساوس، وفي اللفظ الآخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة) يريد الشيطان، وقد يسأل سائل: هل تكون هذه من الابتلاءات التي تكفر الذنوب؟
و
الجواب
هذه وساوس لا تكفر الذنوب، ومن الواضح أن الصحابة خافوا أن تكون ذنوباً يؤاخذون عليها، ولذا قصاراه أنها تكون معفواً عنها.
والحديث إسناده حسن، ومحمد بن عمرو هو ابن علقمة بن وقاص الليثي المدني حسن الحديث، وأخرجه أحمد بهذا الإسناد.