[ما جاء في أن الإيمان شعب وأجزاء]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ذكر البيان بأن الإيمان والإسلام شعب وأجزاء، غير ما ذكرنا في خبر ابن عباس وابن عمر بحكم الأمينين: محمد وجبريل عليهما السلام.
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا يوسف بن واضح الهاشمي قال: حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن يحيى بن يعمر قلت: يا أبا عبد الرحمن -يعني ابن عمر - إن أقواماً يزعمون أن ليس قدر، قال: هل عندنا منهم أحد؟ قلت: لا.
قال: فأبلغهم عني إذا لقيتهم: أن ابن عمر يبرأ إلى الله منكم وأنتم برآء منه، حدثنا عمر بن الخطاب قال: (بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس، إذ جاءه رجل ليس عليه سحناء سفر، وليس من أهل البلد، يتخطى حتى ورك، فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد! ما الإسلام؟ قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج وتعتمر، وتغتسل من الجنابة، وأن تتم الوضوء، وتصوم رمضان.
قال: فإذا فعلت ذلك فأنا مسلم؟ قال: نعم.
قال: صدقت، قال: يا محمد! ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وتؤمن بالجنة والنار، والميزان، وتؤمن بالبعث بعد الموت، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: فإذا فعلت ذلك فأنا مؤمن؟ قال: نعم، قال: صدقت، قال: يا محمد! ما الإحسان؟ قال: الإحسان: أن تعمل لله كأنك تراه، فإنك إن لا تراه فإنه يراك، قال: فإذا فعلت هذا فأنا محسن؟ قال: نعم، قال: صدقت.
قال: فمتى الساعة؟ قال: سبحان الله! ما المسئول عنها بأعلم من السائل، ولكن إن شئت نبأتك عن أشراطها، قال: أجل، قال: إذا رأيت العالة الحفاة العراة يتطاولون في البنيان وكانوا ملوكاً.
قال: ما العالة الحفاة العراة؟ قال: العُرَيْبُ، قال: وإذا رأيت الأمة تلد ربتها، فذلك من أشراط الساعة، قال: صدقت، ثم نهض، فولى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي بالرجل، فطلبناه كل مطلب، فلم نقدر عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تدرون من هذا؟ هذا جبريل أتاكم ليعلمكم دينكم، خذوا عنه، والذي نفسي بيده ما شُبِّهَ علي منذ أتاني قبل مرتي هذه، وما عرفته حتى ولى).
قال أبو حاتم: تفرد سليمان التيمي بقوله: (خذوا عنه)، وبقوله: (تعتمر وتغتسل وتتم الوضوء)].
وتفرد سليمان التيمي بقوله: (خذوا عنه) وبقوله: (تعتمر وتغتسل وتتم الوضوء) لا تكون شاذة؛ لأنه ثقة، وزيادة الثقة مقبولة.
وهذا حديث جبريل المشهور الطويل في بيان الإسلام والإيمان والإحسان وأشراط الساعة، ثم قال: (أتاكم يعلمكم دينكم)، فدل على أن الدين ثلاث مراتب: الإسلام والإيمان والإحسان، والإسلام إذا اجتمع مع الإيمان فيفسر الإسلام بالأعمال الظاهرة، والإيمان بأعمال القلوب.
قوله: (ما شبه علي) يعني: ما عرفه، حتى ولى، فلما ولى عرفه.
قال: (فلبث ملياً) جاء في بعض الروايات: (ثلاثة أيام) وفي بعضها (ثلاث ليال).
واحتج بهذا الحديث على وجوب العمرة، وبعضهم طعن في هذه الزيادة وقال: إن هذه الزيادة شاذة.
وسليمان التيمي قال عنه في التقريب: صدوق يخطئ، لكن كان قليل الخطأ، والنسائي وغيره من المتقدمين يرون التفرد شذوذاً ويرى المتأخرون أن التفرد إذا كان من ثقة فلا يعتبر شذوذاً؛ لأن زيادة الثقة مقبولة.