للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو ضعيف) (١) وقال في بداية المجتهد: (والتمسك بالعموم أقوى) (٢).

وعن يزيد بن الأسود العامري قال: شهدت مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلاة الفجر في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته إذ هو برجلين في آخر القوم لم يصليا معه، قال: "عليّ بهما"، فأتي بهما ترعد فرائصهما، فقال: "ما منعكما أن تصليا معنا؟ "، قالا: يا رسول الله! إنا قد صلينا في رحالنا؛ قال: "فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة، فصليا معهم؛ فإنهما لكما نافلة" (٣).

قال الترمذي (وهو قول غير واحد من أهل العلم، وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق قالوا: إذا صلى الرجل وحده ثم أدرك الجماعة فإنه يعيد الصلوات كلها في الجماعة، وإذا صلى المغرب وحده ثم أدرك الجماعة قالوا: فإنه يصليها معهم ويشفع بركعة، والتي صلى وحده هي المكتوبة عندهم) (٤).

قال السندي: (وقوله: "فصليا معهم": هذا تصريح في عموم الحكم في أوقات الكراهة أيضًا، ورافع عن تخصيص الحكم بغير أوقات الكراهة؛ لاتفاقهم على أنه لا يصح استثناء المورد من العموم، والمورد صلاة الفجر). اهـ (٥).

وقال في عون المعبود: (وظاهر الحديث حجة على من منع عن شيء من الصلوات كلها، ألا تراه عليه الصلاة والسلام يقول: "إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإمام ولم يصلّ فيصل معه"؟ ولم يستثن صلاة دون صلاة) (٦).

وقد أفتى بمقتضى ذلك إمام السنة أحمد بن حنبل -رحمه الله- قال أبو داود: سمعت أحمد قال له رجل: إذا دخلت المسجد وقد صليت العصر وأقيمت الصلاة؟ قال: صلّ معهم، قيل: والظهر؟ قال: والصلوات كلها، قال أبو داود لأحمد: والمغرب إذا صليتها أضيف إليها ركعة؟ قال: نعم ... (٧).

وهذه الإعادة سببها حضور الجماعة، ولا فرق بين أن يصلي الأولى وحده أو يصلي مع جماعة، ولا فرق -أيضًا- في إعادتها مع الجماعة بين ما إذا أقيمت الصلاة وهو في المسجد، أو دخل المسجد وهم يصلون؛ لعموم الأدلة، ولئلا يكون قعوده والناس يصلون ذريعة إلى إساءة الظن به، والوقوع في عرضه وأنه ليس من المصلين.

وظاهر قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حديث يزيد: "إذا أتيتما مسجد جماعة" أن ذلك مختص بالجماعة التي تقام في المسجد، لا التي قد تقام في غيره، فمن حضر جماعة يصلون في منزل لعذر وكان هو قد صلّى لم يصلّ معهم، فيحمل المطلق الوارد في بعض روايات الحديث على هذا المقيد، والله أعلم (٨).

قال في المغني: (إذا أعاد المغرب شفعها برابعة، نص عليه أحمد؛ لأن هذه الصلاة نافلة، ولا يشرع


(١) شرح النووي (٥/ ١٥٤).
(٢) بداية المجتهد (١/ ١٧٩).
(٣) تقدم تخريجه في الكلام على تحية المسجد وقت النهي.
(٤) جامع الترمذي (١/ ٤٢٦).
(٥) حاشية السندي على النسائي (٢/ ١١٣).
(٦) عون المعبود (٢/ ٢٨٤)، وراجع مجموع الفتاوى (٢٣/ ١٨٨).
(٧) مسائل الإمام أحمد لأبي داود ص (٤٨).
(٨) نيل الأوطار (٣/ ١٠٧).

<<  <   >  >>