للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خزيمة على هذا الحديث بقوله: (باب ذكر فرح الرب تعالى بمشي عبده إلى المسجد متوضيًا) (١).

[صلاة الملائكة عليه واستغفارهم له:]

قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: ٤٣].

فهذه نعمة عظيمة أنعم الله بها على عباده الطائعين تستدعي منهم شكرها والإكثار من ذكر الله تعالى الذي لطف بهم ورحمهم وجعل ملائكته يستغفرون لهم. فكان ذلك سببًا في هدايتهم وإخراجهم من ظلمات الذنوب والجهل إلى نور الإيمان والتوفيق والعلم والعمل (٢)، والصلاة من الله تعالى: ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى، والصلاة من الملائكة: الدعاء والاستغفار (٣).

إن الله تعالى قد كلف الملائكة بالدعاء للذين يؤمون المساجد للصلاة ويجلسون فيها منتظرين الإقامة، أو يمكثون في مصلاهم بعد الصلاة قائلين: اللهم اغفر له! اللهم ارحمه. كما تقدم في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.

فانظر -أخي المسلم- إلى قدرك عند الله تعالى إذا أطعته؛ كلف ملائكته المقربين بالدعاء لك والصلاة عليك، ما أعظمها من نعمة وأكبرها من منحة!!

[المشي إلى المسجد بسكينة:]

إن من فوائد التبكير لحضور الصلاة أن المصلي يمشي إليها بسكينة ووقار، لسعة الوقت. أما الذي يأتي متأخرًا فإنه يسرع، ولا يصل المسجد إلا وقد حفزه النفس، وهذا أمر ملاحظ. وسيأتي الكلام في هذا الأدب قريبًا إن شاء الله.

دخول المسجد داعيًا:

وهذه فائدة أخرى، فإن المبكر للصلاة يتمكن من الإتيان بالدعاء المأثور عند دخول المسجد؛ لأنه لا يخاف فوت الصلاة فيسرع ويخل بهذا الدعاء، وسأذكر ذلك إن شاء الله تعالى.

[تحصيل الصف الأول:]

في الصف الأول فضل عظيم دلت عليه الأحاديث الصحيحة، فهو على مثل صف الملائكة. والله تعالى وملائكته يصلون على الصفوف الأولى، وقد صلى النبي الكريم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الصف الأول والثاني. وهذه الفضائل لا يظفر بها إلا من سارع لحضور الجماعة، وتقدم للصف الأول، كما سيأتي ذكره إن شاء الله.

[تحصيل ميمنة الصف:]

إن تحصيل ميمنة الصف والدنو من الإمام لا يكون لمن جاء متأخرًا، فإن أردت فضيلة ميمنة الصف فعليك بالمبادرة؛ لأن جهة يمين الإمام أشرف وأفضل من جهة يساره؛ ولهذا لما قام ابن عباس -رضي الله عنهما- عن يسار النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخذ بيده حتى أقامه عن يمينه، وقد بوب البخاري -رحمه الله- على حديث ابن عباس بقوله: "باب: ميمنة المسجد والإمام" قال ابن رجب -رحمه الله-: "ويستدل بذلك


(١) صحيح ابن خزيمة (٢/ ٣٧٤).
(٢) انظر تفسير ابن سعدي (٤/ ١٥٨).
(٣) ذكر ذلك البخاري عن أبي العالية. انظر فتح الباري (٨/ ٥٣٢).

<<  <   >  >>