للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والكلب الأسود" (١).

وأما ما ورد من أن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يصلي وأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- نائمة بين يديه فلا دلالة فيه على عدم القطع؛ لأن فساد الصلاة مقرون بمرور المرأة أمام المصلي لا بالصلاة إلى النائم أو المضطجع أو الجالس (٢).

والمراد بالمرأة التي تقطع الصلاة: البالغة. أما الصغيرة التي لم تبلغ فلا تقطع الصلاة (٣) لما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "يقطع الصلاة الكلب والمرأة الحائض" (٤).

وهذه المسألة وإن كانت نادرة الوقوع في المساجد، لكنها قد توجد في المسجد الحرام. فعلى المسلم أن يمنع من مرور الإنسان بين يديه، ولا سيما المرأة فإنها تقطع الصلاة. وقد أجاز بعض العلماء المرور بين يدي المصلي في المسجد الحرام؛ لأن الناس يكثرون بمكة، لأجل قضاء نسكهم ويزدحمون فيها. وهذا وإن كان تعليلًا قويًا من حيث النظر، ولكنه معارض بعموم أدلة القطع، ولا مخصص لها (٥) -كما تقدم- لكن للضرورة أحكام. والله أعلم.

باب: صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من التكبير إلى التسليم (٦)

[استقبال الكعبة]

كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام إلى الصلاة استقبل الكعبة في الفرض والنفل، وأمر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك فقال لـ (المسيء صلاته):

(إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر). (البخاري ومسلم).

و (كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السفر يصلي النوافل على راحلته، ويوتر عليه حيث توجهت به [شرقًا وغربًا]). (مسلم).

وفي ذلك نزل قوله تعالى: {فأينما تولوا فثم وجه الله} [البقرة ١١٥]. (مسلم).

و (كان -أحيانًا- إذا أراد أن يتطوع على ناقته استقبل بها القبلة فكبر، ثم صلى حيث وجهه ركابه). (أبو داود وابن حبان).

و (كان يركع ويسجد على راحلته إيماء برأسه، ويجعل السجود أخفض من الركوع). (أحمد والترمذي وصححه).

و (كان إذا أراد أن يصلي الفريضة نزل فاستقبل القبلة). (البخاري وأحمد).

وأما في صلاة الخوف الشديد؛ فقد سن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأمته أن يصلوا (رجالًا قيامًا على أقدامهم أو ركبانًا، مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها). (البخاري ومسلم).


(١) أخرجه ابن خزيمة (٨٣١) وابن حبان (٢٣٩١).
(٢) انظر: زاد المعاد (١/ ٣٠٦) الإحكام (١/ ٤٢٠).
(٣) انظر: الإنصاف (٢/ ١٠٧) تصحيح الفروع (١/ ٤٧٤).
(٤) أخرجه أحمد (١/ ١٣٤٧)، وأبو داود (٧٠٣)، و (٢/ ٦٤)، وابن ماجه (٩٤٩)، وصححه النووي في "شرح المهذب" (٣/ ٢١٢).
(٥) انظر: إتحاف الإخوة ص (١٩٥).
(٦) من كتاب صفة صلاة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من التكبير إلى التسليم للألباني رحمه الله.

<<  <   >  >>