ودليل ذلك قصة معاذ بن جبل رضي الله عنه، حيث كان إمام قومه من الأنصار وأقرأهم، وأعلمهم بالأحكام، وكان يأتي إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقت العشاء، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة (١) وهو متنفل وهم مفترضون، وقد كره ذلك بعض العلماء لاختلاف النية، ولكن الصحيح جواز ذلك لوجود الدليل الصريح، والله أعلم.
اللؤلؤ المكين، ابن جبرين، ص ١١٢ - ١١٣
[إدراك المسبوق للتشهد الأخير]
السؤال: شخص أتى إلى المسجد متأخرًا، وأدرك الجماعة وهم في التشهد الأخير؛ هل يلحق بهم أم ينتظر الجماعة القادمة؟ وإذا التحق بالجماعة في التشهد الأخير، ثم سمع جماعة جديدة؛ هل يقطع صلاته أم يتمها؟.
الجواب: إذا كان الذي جاء والإمام في التشهد الأخير يعلم أنه سيجد جماعة؛ فإنه ينتظر ويصلي مع الجماعة؛ لأن القول الراجح أن الجماعة لا تدرك إلا بركعة كاملة، أما إذا كان لا يرجو وجود أحد يصلي معه؛ فإن الأفضل أن يدخل معهم، ولو في التشهد الأخير؛ لأن إدراك بعض الصلاة خير من عدم الإدراك بالكلية.
وإذا قدر أنه دخل مع الإمام لعلمه أنه لا يجد جماعة، ثم حضرت جماعة، وسمعهم يصلون؛ فلا حرج عليه أن يقطع صلاته ويذهب، معهم ويصلي، أو ينويها نفلًا، ويتمها ركعتين، ثم يذهب مع هؤلاء القوم ويصلي معهم، وإن استمر على ما هو عليه فلا حرج فله أن يفعل واحدًا من هذه الأمور الثلاثة.
مختار من فتاوى الصلاة، ص ٦٦، الشيخ ابن عثيمين
[حكم أخذ المصحف من المسجد ومد الظهر جدا في أثناء السجود، والعبث في الصلاة]
السؤال: ما حكم من أخذ مصحفًا من المسجد إلى البيت خاصة إذا حصل تردد من ذلك؟ وكذلك ما حكم مد الظهر جدًا في أثناء السجود؟
وما حكم رفع الصوت بالقراءة قبل الصلاة؟
وما حكم العبث باللحى والثياب في أثناء الصلاة بدون حاجة؟
الجواب: أما أخذ المصحف من المسجد؛ فلا يجوز؛ لأن مصاحف المسجد تبقى في المسجد ولا تؤخذ.
وأما مد الظهر جدًا أثناء السجود؛ فلا ينبغي، ولكن في السجود ينبغي أن يكون الظهر معتدلًا، لا يمدده مرة ويقعره مرة، بل يكون معتدلًا رافعًا يديه عن الأرض، ويفرج عضديه عن جنبه، ويرفع بطنه عن فخذيه؛ أي: يعتدل في السجود بحيث لا يمده مدًا طويلًا، ولا يقعره، بل يتوسط.
وأما رفع الصوت بالقراءة قبل الصلاة؛ فإنه لا يرفع صوته إذا كان عنده أحد، بل يقرأ بينه وبين نفسه؛ كي لا يؤذي الناس، ولا يشغل المصلين، ولا يشغل القراء، ولكن يرفع بحيث يكون خفيفًا.
وأما العبث باللحى والثياب أثناء الصلاة؛ فإنه مكروه، بل السنة السكون: قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: ١، ٢] فعليه أن يخشع في صلاته، ولا يعبث لا باللحية ولا بالثوب، إنما يعفى عن الشيء اليسير للحاجة، وأما الكثير؛ فلا يجوز إلا للضرورة.
مختار من فتاوى الصلاة، ص: ١٤ - ١٥، الشيخ ابن عثيمين
(١) أخرجه البخاري في الأذان (٧٠٠، ٧٠١) ومسلم في الصلاة (٤٦٥).