للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة". (١) (ولقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر". (٢) مع أحاديث أخرى كثيرة في ذلك.

أما من جحد وجوجها -من الرجال أو النساء- فإنه يكفر كفرًا أكبر بإجماع أهل العلم ولو صلى. فنسأل الله لنا ولجميع المسلمين العافية من ذلك إنه خير مسؤول.

والواجب على جميع المسلمين التناصح والتواصي بالحق، والتعاون على البر والتقوى، ومن ذلك نصيحة من يتخلف عن الصلاة في الجماعة أو يتهاون بها فيتركها بعض الأحيان وتحذيره من غضب الله وعقابه وعلى أبيه وأمه وإخوانه وأهل بيته أن ينصحوه، وأن يستمروا في ذلك حتى يهديه الله ويستقيم.

وهكذا من يتهاون بها أو يتركها من النساء فالواجب نصيحتهن وتحذيرهن من غضب الله وعقابه، والاستمرار في ذلك، وهجر من لم يمتثل وعقابه بالأدب المناسب مع القدرة على ذلك لأن هذا كله من التعاون على البر والتقوى، ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أوجبه الله على عباده من الرجال والنساء لقوله سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: ٧١].

ولقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع" (٣). وإذا كان البنون والبنات يؤمرون بالصلاة لسبع ويضربون عليها لعشر فالبالغ من باب أولى في وجوب أمره بالصلاة وضربه عليها إذا تخلف عنها، مع النصيحة المتواصلة، والتواصي بالحق والصبر عليه لقول الله عز وجل: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: ١ - ٣].

ومن ترك الصلاة بعد البلوغ، ولم يقبل النصيحة يرفع أمره إلى المحاكم الشرعية حتى تستتيبه؛ فإن تاب وإلا قتل: نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين ويمنحهم الفقه في الدين، ويوفقهم للتعاون على البر والتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق والصبر عليه، إنه جواد كريم.

فتاوى مهمة تتعلق بالصلاة، ص ٢١ - ٢٧، ابن باز

[المصافحة بعد الصلاة]

السؤال: ما حكم المصافحة بعد الصلاة، وهل هناك فرق بين صلاة الفريضة أو النافلة؟

الجواب: الأصل في المصافحة عند اللقاء بين المسلمين شرعيتها، وقد كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصافح أصحابه رضي الله عنهم إذا لقيهم، وكانوا إذا تلاقوا تصافحوا، قال أنس -رضي الله عنه- والشعبي رحمه الله: كان أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا. وثبت في الصحيحين (٤) أن طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم قام من حلقة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في مسجده -عليه الصلاة والسلام- إلى كعب بن مالك -رضي الله عنه- لما تاب الله عليه فصافحه وهنأه بالتوبة. وهذا أمر مشهور


(١) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه في الإيمان (٨٢).
(٢) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٣٤٦) والترمذي (٢٦٢١)، والنسائي (١/ ٢٣٢)، وابن ماجه (١٠٧٩).
(٣) أبو داود في الصلاة (٤٩٥، ٤٩٦).
(٤) أخرجه البخاري (٤٤١٨)، ومسلم (٢٧٦٩).

<<  <   >  >>