للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تشويشًا على الإمام والمأمومين، ولا سيما الصف الأول ومن هم خلف الإمام، ثم إذا حضر ثان وثالث هل يقال لكل واحد يأت بمفرده: قف عن يمين الإمام؟! إن هذه التصرفات تؤيد القول بأنه يصلي خلف الصف إذا لم يجد مكانًا، والله أعلم (١).

[الحكم الثاني عشر الدخول مع الإمام على أي حال]

إذا دخل المصلي والإمام في الصلاة دخل معه على أي حال كان؛ في القيام أو الركوع أو السجود أو بين السجدتين؛ وذلك لما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فكبروا، ولا تعدوها شيئًا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة" (٢).

وعن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا" (٣). قال الحافظ ابن حجر: (استدلّ به على استحباب الدخول مع الإمام في أي حال وجد عليها) (٤).

وعن معاذ -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إذا أتى أحدكم والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام" (٥). هذه هي السنة في حق الداخل والإمام في الصلاة؛ بدلالة ما ذكر من النصوص.

ومن الناس من إذا دخل والإمام ساجد أو بين السجدتين لم يدخل معه حتى يقوم إلى الركعة التالية، أو يعلم أنه في التشهد فيجلس معه، وهذا قد حرم نفسه فضل السجود، مع أنه مخالف لما تضمنته الأدلة المتقدمة. قال بعض العلماء في فضل السجود مع الإمام إذا أدركه ساجدًا: (لعله أن لا يرفع رأسه من السجدة حتى يغفر له) (٦).

قال في تحفة الأحوذي: (قوله: "فليصنع كما يصنع الإمام" أي: فليوافق الإمام فيما هو فيه من القيام أو الركوع أو غير ذلك، أي: فلا ينتظر الإمام إلى القيام، كما يفعله العوام) (٧).

واعلم أن أحوال الإمام وقت دخول المأموم المسجد أربع، وهي أهم الأحوال:

أن يكون الإمام قائمًا في سرية أو جهرية.

أن يكون الإمام راكعًا.

أن يكون الإمام ساجدًا وبين السجدتين.

أن يكون الإمام في التشهد.


(١) راجع رسالة: (ثلاث مسائل في الصلاة)، بقلم نزار محمد عرعور (ص ٣٥).
(٢) أخرجه أبو داود (٣/ ١٤٥)، وابن خزيمة (٣/ ٥٧)، والدارقطني (١/ ٣٤٧)، والحاكم (١/ ٢١٦)، والبيهقي (٢/ ٨٩)، وقال: "تفرد به يحيى بن أبي سليمان المديني، وقد روي بإسناد آخر، أضعف من ذلك عن أبي هريرة" اهـ ويحيى هنا قال عنه البخاري: منكر الحديث ... لكن له شاهد قوي، فانظر: السلسلة الصحيحة (٣/ ١٨٥)، والإرواء (٢/ ٢٦٠).
(٣) تقدم هذا الحديث في الحكم الرابع من أحكام الخروج إلى المسجد.
(٤) فتح الباري (٢/ ١١٨).
(٥) أخرجه الترمذي (٣/ ١٩٩)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (١/ ١٨٣)، وانظر نيل الأوطار (٣/ ١٧٣)، وانظر الصحيحة (٣/ ١٨٥).
(٦) تحفة الأحوذي (٢/ ١٩٩).
(٧) المرجع السابق.

<<  <   >  >>