للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بكرة خاص بالمسبوق، ولا تعارض بين العام والخاص، كما في الأصول، حيث يخصص العام بالخاص، ويكون المسبوق الذي لم يدرك القيام ومحل القراءة خارجًا من هذا العموم، والله أعلم (١).

الحالة الثالثة: أن يكون الإمام ساجدًا أو بين السجدتين

إذا دخل المصلي المسجد والإمام في السجود سجد معه -لما تقدم من قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعدّوها شيئًا .. "- أو بين السجدتين جلس معه؛ لعموم ما تقدم، ولو لم تحسب له هذه الركعة؛ لأنه لم يدرك الركوع معه.

وقد ذكر أهل العلم -رحمهم الله تعالى- أن المصلي الذي أدرك إمامه ساجدًا أنه يكبر تكبيرة الإحرام ثم يسجد مع إمامه من غير تكبير؛ لأنه لم يدرك محل التكبير، قال ابن قدامة في المغني: (وإن أدرك الإمام في ركن غير الركوع لم يكبر إلا تكبيرة الافتتاح، وينحط بغير تكبير؛ لأنه لا يعتدّ له به، وقد فاته محل التكبير، وإن أدركه في السجود أو التشهد الأول كبر حال قيامه مع الإمام على الثالثة؛ لأنه مأموم له، فيتابعه في التكبير، كمن أدرك معه من أولها) (٢).

وهذا بخلاف التكبير للركوع؛ فإنه محسوب له، وبخلاف ما إذا انتقل بعد ذلك مع الإمام من السجود أو غيره، فإنه يكبر موافقة للإمام في الانتقال إليه، وإن كان غير محسوب له، كما أفاده ابن قدامة -رحمه الله-.

والقول الثاني: أنه ينحط معه بتكبير، فيكبر الأولى للإحرام، والثانية ليقعد بها؛ لأنه التزم متابعة الإمام وهو في القعود أو السجود، والانتقال من القيام إلى السجود يكون بالتكبير، والله أعلم (٣).

ولو أحرم بالصلاة وانحط ساجدًا فرفع الإمام رأسه قبل أن يضع المأموم جبهته على الأرض، فالظاهر أنه يرجع معه ولا يسجد؛ لفوات محل المتابعة برفع الإمام رأسه من الأرض قبل وضع المأموم جبهته عليها، بخلاف ما إذا كان معه من أول الصلاة.

ولو أدركه في السجدة الأولى فانحط ساجدًا فرفع الإمام رأسه، وجلس بين السجدتين جلس معه المأموم، فإذا سجد الثانية سجد معه، والله أعلم (٤).

[الحالة الرابعة: أن يكون الإمام في التشهد]

إذا دخل المسجد والإمام في التشهد فقد فاتته صلاة الجماعة؛ لأن صلاة الجماعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة كاملة على القول المختار -كما سيأتي إن شاء الله-.

وهنا الذي دخل المسجد والإمام في التشهد الأصل أنه يدخل مع الإمام؛ لعموم، "إذا أتى أحدكم والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام" (٥). إلا إذا كان يطمع بمجيء غيره فإن من العلماء من يرى أنه لا يدخل مع الإمام؛ لفوات الجماعة، وله ولمن جاء معه أن يقيموا جماعة ثانية (٦) -كما سيأتي بيانه إن شاء الله-


(١) انظر مجموع الفتاوى (٢٣/ ٢٩٠).
(٢) المغني (٢/ ١٨٣)، والمجموع شرح المهذب (٤/ ٢١٨).
(٣) شرح المهذب (٤/ ٢١٨)، وحاشية ابن قاسم (٢/ ٢٧٧)، وانظر الإنصاف (٢/ ٢٢٥)، وانظر السنن الكبرى للبيهقي (٢/ ٩١).
(٤) انظر القول التمام (ص ٢٠٢).
(٥) تقدم تخريجه قريبًا.
(٦) انظر: فتاوى ابن عثيمين (١٥/ ٨٩)، وفتاوى ابن باز (١٢/ ١٧٣).

<<  <   >  >>